ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا وخلقناكم أزواجا وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا وبنينا فوقكم سبعا شدادا وجعلنا سراجا وهاجا وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا
أي: أما أنعمنا عليكم بنعم جليلة، فجعلنا لكم الأرض مهادا أي: ممهدة مذللة لكم ولمصالحكم، من الحروث والمساكن والسبل.
والجبال أوتادا تمسك الأرض لئلا تضطرب بكم وتميد.
وخلقناكم أزواجا أي: ذكورا وإناثا من جنس واحد، ليسكن كل منهما إلى الآخر، فتتكون المودة والرحمة، وتنشأ عنهما الذرية، وفي ضمن هذا الامتنان، بلذة المنكح.
وجعلنا نومكم سباتا أي: راحة لكم، وقطعا لأشغالكم، التي متى تمادت بكم أضرت [ ص: 1928 ] بأبدانكم، فجعل الله الليل والنوم يغشى الناس لتسكن حركاتهم الضارة، وتحصل راحتهم النافعة.
وبنينا فوقكم سبعا شدادا أي: سبع سماوات، في غاية القوة، والصلابة والشدة، وقد أمسكها الله بقدرته، وجعلها سقفا للأرض، فيها عدة منافع لهم، ولهذا ذكر من منافعها الشمس فقال: وجعلنا سراجا وهاجا نبه بالسراج على النعمة بنورها، الذي صار ضرورة للخلق، وبالوهاج وهي حرارتها على ما فيها من الإنضاج والمنافع .
وأنزلنا من المعصرات أي: السحاب ماء ثجاجا أي: كثيرا جدا.
لنخرج به حبا من بر وشعير وذرة وأرز، وغير ذلك مما يأكله الآدميون.
ونباتا يشمل سائر النبات، الذي جعله الله قوتا لمواشيهم.
وجنات ألفافا أي: بساتين ملتفة، فيها من جميع أصناف الفواكه اللذيذة. فالذي أنعم عليكم بهذه النعم الجليلة ، التي لا يقدر قدرها، ولا يحصى عددها، كيف تكفرون به وتكذبون ما أخبركم به من البعث والنشور؟! أم كيف تستعينون بنعمه على معاصيه وتجحدونها؟"