ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور
ها أنتم أولاء جملة من مبتدأ وخبر صدرت بحرف التنبيه إظهارا لكمال العناية بمضمونها، أي: أنتم أولاء المخطئون في موالاتهم. وقوله تعالى: تحبونهم ولا يحبونكم بيان لخطئهم في ذلك، وهو خبر ثان لـ "أنتم" أو خبر لـ "أولاء" والجملة خبر لـ "أنتم" كقولك: "أنت زيد تحبه" أو صلة له أو حال والعامل معنى الإشارة، ويجوز أن ينتصب "أولاء" بفعل يفسره ما بعده وتكون الجملة خبرا. وتؤمنون بالكتاب كله أي: بجنس الكتب جميعا، وهو حال من ضمير المفعول في "لا يحبونكم" والمعنى: لا يحبونكم، والحال أنكم تؤمنون بكتابهم فما بالكم تحبونهم وهم لا يؤمنون بكتابكم، وفيه توبيخ بأنهم في باطلهم أصلب منكم في حقكم. وإذا لقوكم قالوا آمنا نفاقا. وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ أي: من أجله تأسفا وتحسرا حيث لم يجدوا إلى التشفي سبيلا. قل موتوا بغيظكم دعاء عليهم بدوام الغيظ.
[ ص: 77 ] وزيادته بتضاعف قوة الإسلام وأهله إلى أن يهلكوا به أو باشتداده إلى أن يهلكهم. إن الله عليم بذات الصدور فيعلم ما في صدوركم من العداوة والبغضاء والحنق، وهو يحتمل أن يكون من المقول أي: وقل لهم أن الله تعالى عليم بما هو أخفى مما تخفونه من عض الأنامل غيظا، وأن يكون خارجا عنه بمعنى: لا تتعجب من إطلاعي إياك على أسرارهم فإني عليم بذات الصدور. وقيل: هو أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطيب النفس وقوة الرجاء والاستبشار بوعد الله تعالى أن يهلكوا غيظا بإعزاز الإسلام وإذلالهم به من غير أن يكون ثمة قول، كأنه قيل: حدث نفسك بذلك.