إن في ذلك أي: في أخذه تعالى للأمم المهلكة، أو في قصصهم لآية لعبرة لمن خاف عذاب الآخرة فإنه المعتبر به، حيث يستدل بما حاق بهم من العذاب الشديد بسبب ما عملوا من السيئات على أحوال عذاب الآخرة.
وأما من أنكر الآخرة وأحال فناء العالم - وزعم أن ليس هو ولا شيء من أحواله مستندا إلى الفاعل المختار، وأن ما يقع فيه من الحوادث فإنما يقع لأسباب تقتضيه من أوضاع فلكية تتفق في بعض الأوقات لا لما ذكر من المعاصي التي يقترفها الأمم الهالكة - فهو بمعزل من هذا الاعتبار، تبا لهم ولما لهم من الأفكار.
ذلك إشارة إلى يوم القيامة المدلول عليه بذكر الآخرة يوم مجموع له الناس أي: يجمع له الناس للمحاسبة والجزاء، والتغيير للدلالة على ثبات معنى الجمع وتحقق وقوعه لا محالة، وعدم انفكاك الناس عنه، فهو أبلغ من قوله تعالى: يوم يجمعكم ليوم الجمع .
وذلك أي: يوم القيامة - مع ملاحظة عنوان جمع الناس له - يوم مشهود أي: مشهود فيه، حيث يشهد فيه أهل السماوات والأرضين، فاتسع فيه بإجراء الظفر مجرى المفعول به كما في قوله:
في محفل من نواصي الناس مشهود
أي: كثير شاهدوه، ولو جعل نفس اليوم مشهودا لفات ما هو الغرض من تعظيم اليوم وتهويله وتمييزه عن غيره؛ فإن سائر الأيام أيضا كذلك.