ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين
ولما سقط في أيديهم ; أي : ندموا على ما فعلوه غاية الندم ، فإن ذلك كناية عنه ; لأن النادم المتحسر يعض يده غما ، فتصير يده مسقوطا فيها ، وقرئ : ( سقط ) على البناء للفاعل بمعنى : وقع العض فيها ، فاليد حقيقة . وقال : معناه : سقط الندم في أنفسهم ، إما بطريق الاستعارة بالكناية ، أو بطريق التمثيل . الزجاج
ورأوا أنهم قد ضلوا باتخاذ العجل ; أي : تبينوا بحيث تيقنوا بذلك ، حتى كأنهم رأوه بأعينهم ، وتقديم ذكر ندمهم على هذه الرؤية مع كونه متأخرا عنها ، للمسارعة إلى بيانه ، والإشعار بغاية سرعته ، كأنه سابق على الرؤية .
قالوا والله .
لئن لم يرحمنا ربنا بإنزال التوبة المكفرة .
ويغفر لنا ذنوبنا بالتجاوز عن خطيئتنا ، وتقديم الرحمة على المغفرة ، مع أن التخلية حقها أن تقدم على التحلية ، إما للمسارعة إلى ما هو المقصود الأصلي ، وإما لأن المراد بالرحمة : مطلق إرادة الخير بهم ، وهو مبدأ لإنزال التوبة المكفرة لذنوبهم .
واللام في " لئن " موطئة للقسم كما أشير إليه ، وفي قوله تعالى : لنكونن من الخاسرين لجواب القسم ، وما حكي عنهم من الندامة والرؤية والقول ، وإن كان بعد [ ص: 274 ] ما رجع موسى عليه الصلاة والسلام إليهم ، كما ينطق به الآيات الواردة في سورة طه ، لكن أريد بتقديمه عليه حكاية ما صدر عنهم من القول والفعل في موضع واحد .