قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين
قال قد وقع عليكم ; أي : وجب وحق ، أو نزل بإصراركم هذا ; بناء على تنزيل المتوقع منزلة الواقع ، كما في قوله تعالى : أتى أمر الله .
من ربكم ; أي : من جهته تعالى ، وتقديم الظرف الأول على الثاني مع أن مبدأ الشيء متقدم على منتهاه ; للمسارعة إلى بيان إصابة المكروه لهم .
وكذا تقديمهما على الفاعل الذي هو قوله تعالى : رجس مع ما فيه من التشويق إلى المؤخر ، ولأن فيه نوع طول بما عطف عليه من قوله تعالى : وغضب فربما يخل تقديمهما بتجاوب النظم الكريم .
والرجس : العذاب ، من الارتجاس الذي هو الاضطراب والغضب إرادة الانتقام ، وتنوينهما للتفخيم والتهويل .
أتجادلونني في أسماء عارية عن المسمى .
سميتموها ; أي : سميتم بها .
أنتم وآباؤكم إنكار واستقباح لإنكارهم مجيئه عليه السلام ، داعيا لهم إلى عبادة الله تعالى وحده وترك [ ص: 240 ] عبادة الأصنام ; أي : أتجادلونني في أشياء سميتموها آلهة ، ليست هي إلا محض الأسماء من غير أن يكون فيها من مصداق الإلهية شيء ما ; لأن المستحق للعبودية بالذات ليس إلا من أوجد الكل ، وأنها لو استحقت لكان ذلك بجعله تعالى ، إما بإنزال آية ، أو نصب حجة ، وكلاهما مستحيل .
وذلك قوله تعالى : ما نزل الله بها من سلطان وإذ ليس ذلك في حيز الإمكان تحقق بطلان ما هم عليه .
فانتظروا مترتب على قوله تعالى : " قد وقع عليكم " ; أي : فانتظروا ما تطلبونه بقولكم : " فأتنا بما تعدنا ... " إلخ .
إني معكم من المنتظرين لما يحل بكم .