[ ص: 317 ] قوله - عز وجل -:
nindex.php?page=treesubj&link=29786_30549_34211_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين nindex.php?page=treesubj&link=30532_30550_34202_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون nindex.php?page=treesubj&link=30550_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=9ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون
لما أخبر عنهم - عز وجل - بأنهم كذبوا بكل ما جاءهم من آية؛ تبع ذلك إخبار فيه مبالغة مضمنه أنه لو جاءهم أشنع مما جاء لكذبوا أيضا؛ والمعنى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7 "ولو نزلنا" بمرأى منهم
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7 "عليك كتابا" - أي كلاما مكتوبا -
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7 "في قرطاس" - أي في صحيفة؛ ويقال: "قرطاس"؛ بضم القاف -
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7 "فلمسوه بأيديهم" - يريد أنهم بالغوا في ميزه وتقليبه - ليرتفع كل ارتياب؛ لعاندوا فيه؛ وتابعوا كفرهم؛ وقالوا: هذا سحر مبين".
ويشبه أن سبب هذه الآية اقتراح
عبد الله بن أبي أمية؛ وتعنته؛ إذ قال للنبي - صلى اللـه عليه وسلم -: "لا أؤمن لك حتى تصعد إلى السماء؛ ثم تنزل بكتاب؛ فيه: من رب العزة إلى
عبد الله بن أبي أمية؛ يأمرني بتصديقك؛ وما أراني مع هذا كنت أصدقك"؛ ثم أسلم؛ بعد ذلك
عبد الله ؛ وقتل شهيدا في الطائف.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وقالوا لولا أنزل عليه ملك ؛ الآية؛ حكاية عمن تشطط من العرب؛ بأن طلب أن ينزل ملك يصدق
محمدا في نبوءته؛ ويعلم عن الله - عز وجل - أنه حق؛ فرد الله تعالى عليهم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : معناه: لقامت القيامة.
قال
القاضي أبو محمد - رحمه الله -: وهذا ضعيف.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ؛
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ؛
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس - رضي الله عنهما -: في الكلام حذف؛ تقديره: "ولو أنزلنا ملكا فكذبوا به؛ لقضي الأمر بعذابهم؛ ولم ينظروا؛ حسبما سلف في كل أمة اقترحت بآية؛ وكذبت بعد أن أظهرت إليها"؛ وهذا قول حسن.
وقالت فرقة:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8 "لقضي الأمر"؛ أي: لماتوا من هول رؤية الملك في صورته؛ ويؤيد هذا التأويل ما بعده من قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=9ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا ؛ فإن أهل التأويل مجمعون على أن ذلك لأنهم لم يكونوا يطيقون رؤية الملك في صورته؛ فالأولى في قوله: "لقضي الأمر"؛ أي: لماتوا من هول رؤيته.
و"ينظرون"؛ معناه: يؤخرون؛ و"النظرة": التأخير.
[ ص: 318 ] وقوله - عز وجل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=9 "ولو جعلناه"؛ الآية؛ المعنى: "إنا لو جعلناه ملكا لجعلناه - ولا بد - في خلق رجل؛ لأنهم لا طاقة لهم على رؤية الملك في صورته"؛ وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد .
قال
القاضي أبو محمد - رحمه الله -: ومما يؤيد هذا المعنى الحديث الوارد عن الرجلين اللذين صعدا على الجبل يوم
بدر؛ ليريا ما يكون في حرب النبي - عليه الصلاة والسلام - للمشركين؛ فسمعا حس الملائكة؛ وقائلا يقول في السماء: "أقدم حيزوم"؛ فمات أحدهما لهول ذلك؛ فكيف برؤية ملك في خلقته؟ ولا يعارض هذا برؤية النبي - عليه الصلاة والسلام - لجبريل - عليه السلام - وغيره في صورهم؛ لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - أعطي قوة غير هذه كلها - صلى اللـه عليه وسلم.
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=9 "وللبسنا"؛ أي: "لخلطنا عليهم ما يخلطون به على أنفسهم؛ وعلى ضعفتهم"؛ أي: لفعلنا لهم في ذلك فعلا ملبسا يطرق لهم إلى أن يلبسوا به؛ وذلك لا يحسن؛ ويحتمل الكلام مقصدا آخر؛ أي: "للبسنا نحن عليهم كما يلبسون هم على ضعفتهم؛ فكنا ننهاهم عن التلبيس؛ ونفعله بهم"؛ ويقال: "لبس الرجل الأمر؛ يلبسه؛ لبسا"؛ إذا خلطه؛ وقرأ ابن محيصن: "ولبسنا"؛ بفتح اللام؛ وشد الباء.
وذكر بعض الناس في هذه الآية أنها نزلت في أهل الكتاب؛ وسياق الكلام ومعانيه يقتضي أنها في كفار العرب.
[ ص: 317 ] قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=treesubj&link=29786_30549_34211_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=treesubj&link=30532_30550_34202_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30550_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=9وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ
لَمَّا أَخْبَرَ عَنْهُمْ - عَزَّ وَجَلَّ - بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِكُلِّ مَا جَاءَهُمْ مِنْ آيَةٍ؛ تَبِعَ ذَلِكَ إِخْبَارٌ فِيهِ مُبَالَغَةٌ مُضَمَّنَهٌ أَنَّهُ لَوْ جَاءَهُمْ أَشْنَعُ مِمَّا جَاءَ لَكَذَّبُوا أَيْضًا؛ وَالْمَعْنَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7 "وَلَوْ نَزَّلْنَا" بِمَرْأًى مِنْهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7 "عَلَيْكَ كِتَابًا" - أَيْ كَلَامًا مَكْتُوبًا -
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7 "فِي قِرْطَاسٍ" - أَيْ فِي صَحِيفَةٍ؛ وَيُقَالُ: "قُرْطَاسٌ"؛ بِضَمِّ الْقَافِ -
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7 "فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ" - يُرِيدُ أَنَّهُمْ بَالَغُوا فِي مَيْزِهِ وَتَقْلِيبِهِ - لِيَرْتَفِعَ كُلُّ ارْتِيَابٍ؛ لَعَانَدُوا فِيهِ؛ وَتَابَعُوا كُفْرَهُمْ؛ وَقَالُوا: هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ".
وَيُشْبِهُ أَنَّ سَبَبَ هَذِهِ الْآيَةِ اقْتِرَاحُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ؛ وَتَعَنُّتُهُ؛ إِذْ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَا أُؤْمِنُ لَكَ حَتَّى تَصْعَدَ إِلَى السَّمَاءِ؛ ثُمَّ تَنْزِلَ بِكِتَابٍ؛ فِيهِ: مِنْ رَبِّ الْعِزَّةِ إِلَى
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ؛ يَأْمُرُنِي بِتَصْدِيقِكَ؛ وَمَا أَرَانِي مَعَ هَذَا كُنْتُ أُصَدِّقُكَ"؛ ثُمَّ أَسْلَمَ؛ بَعْدَ ذَلِكَ
عَبْدُ اللَّهِ ؛ وَقُتِلَ شَهِيدًا فِي الطَّائِفِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ؛ اَلْآيَةَ؛ حِكَايَةٌ عَمَّنْ تَشَطَّطَ مِنَ الْعَرَبِ؛ بِأَنْ طَلَبَ أَنْ يَنْزِلَ مَلَكٌ يُصَدِّقُ
مُحَمَّدًا فِي نُبُوءَتِهِ؛ وَيُعْلِمَ عَنِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنَّهُ حَقٌّ؛ فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأَمْرُ ؛ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : مَعْنَاهُ: لَقَامَتِ الْقِيَامَةُ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا ضَعِيفٌ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ؛ تَقْدِيرُهُ: "وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا فَكَذَّبُوا بِهِ؛ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بِعَذَابِهِمْ؛ وَلَمْ يُنْظَرُوا؛ حَسْبَمَا سَلَفَ فِي كُلِّ أُمَّةٍ اقْتَرَحَتْ بِآيَةٍ؛ وَكَذَّبَتْ بَعْدَ أَنْ أُظْهِرَتْ إِلَيْهَا"؛ وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ.
وَقَالَتْ فِرْقَةٌ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8 "لَقُضِيَ الأَمْرُ"؛ أَيْ: لَمَاتُوا مِنْ هَوْلِ رُؤْيَةِ الْمَلَكِ فِي صُورَتِهِ؛ وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=9وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلا ؛ فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُطِيقُونَ رُؤْيَةَ الْمَلَكِ فِي صُورَتِهِ؛ فَالْأَوْلَى فِي قَوْلِهِ: "لَقُضِيَ الْأَمْرُ"؛ أَيْ: لَمَاتُوا مِنْ هَوْلِ رُؤْيَتِهِ.
وَ"يُنْظَرُونَ"؛ مَعْنَاهُ: يُؤَخَّرُونَ؛ وَ"اَلنَّظِرَةُ": اَلتَّأْخِيرُ.
[ ص: 318 ] وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=9 "وَلَوْ جَعَلْنَاهُ"؛ اَلْآيَةَ؛ اَلْمَعْنَى: "إِنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ - وَلَا بُدَّ - فِي خَلْقِ رَجُلٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَا طَاقَةَ لَهُمْ عَلَى رُؤْيَةِ الْمَلَكِ فِي صُورَتِهِ"؛ وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16327وَابْنُ زَيْدٍ .
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى الْحَدِيثُ الْوَارِدُ عَنِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ صَعِدَا عَلَى الْجَبَلِ يَوْمَ
بَدْرٍ؛ لِيَرَيَا مَا يَكُونُ فِي حَرْبِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْمُشْرِكِينَ؛ فَسَمِعَا حِسَّ الْمَلَائِكَةِ؛ وَقَائِلًا يَقُولُ فِي السَّمَاءِ: "أَقْدِمْ حَيْزُومُ"؛ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لِهَوْلِ ذَلِكَ؛ فَكَيْفَ بِرُؤْيَةِ مَلَكٍ فِي خِلْقَتِهِ؟ وَلَا يُعَارَضُ هَذَا بِرُؤْيَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِجِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَغَيْرِهِ فِي صُوَرِهِمْ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أُعْطِيَ قُوَّةً غَيْرَ هَذِهِ كُلِّهَا - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=9 "وَلَلَبَسْنَا"؛ أَيْ: "لَخَلَطْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَخْلِطُونَ بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ؛ وَعَلَى ضَعَفَتِهِمْ"؛ أَيْ: لَفَعَلْنَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ فِعْلًا مُلْبِسًا يُطَرِّقُ لَهُمْ إِلَى أَنْ يُلْبَسُوا بِهِ؛ وَذَلِكَ لَا يَحْسُنُ؛ وَيَحْتَمِلُ الْكَلَامُ مَقْصِدًا آخَرَ؛ أَيْ: "لَلَبَسْنَا نَحْنُ عَلَيْهِمْ كَمَا يَلْبِسُونَ هُمْ عَلَى ضَعَفَتِهِمْ؛ فَكُنَّا نَنْهَاهُمْ عَنِ التَّلْبِيسِ؛ وَنَفْعَلُهُ بِهِمْ"؛ وَيُقَالُ: "لَبَسَ الرَّجُلُ الْأَمْرَ؛ يَلْبِسُهُ؛ لَبْسًا"؛ إِذَا خَلَطَهُ؛ وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: "وَلَبَّسْنَا"؛ بِفَتْحِ اللَّامِ؛ وَشَدِّ الْبَاءِ.
وَذَكَرَ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ؛ وَسِيَاقُ الْكَلَامِ وَمَعَانِيهِ يَقْتَضِي أَنَّهَا فِي كُفَّارِ الْعَرَبِ.