إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما
17 - إنما التوبة هي من تاب الله عليه إذا قبل توبته، أي: إنما قبولها على الله وليس المراد به الوجوب; إذ ولكنه تأكيد للوعد، يعني: أنه يكون لا محالة، كالواجب الذي لا يترك. لا يجب على الله شيء، للذين يعملون السوء الذنب لسوء عقابه بجهالة في موضع الحال، أي: يعملون السوء جاهلين سفهاء; لأن ارتكاب القبيح مما يدعو إليه السفه. وعن من عصى الله فهو جاهل حتى ينزع عن جهالته. وقيل: جهالته: اختياره اللذة الفانية على الباقية. وقيل: لم يجهل أنه ذنب، ولكنه جهل كنه [ ص: 342 ] عقوبته مجاهد: ثم يتوبون من قريب من زمان قريب، وهو ما قبل حضرة الموت، ألا ترى إلى قوله: حتى إذا حضر أحدهم الموت فبين أن وعن وقت الاحتضار هو الوقت الذي لا تقبل فيه التوبة. كل توبة قبل الموت فهو قريب. وعن الضحاك: رضي الله عنهما: قبل أن ينظر إلى ابن عباس ملك الموت. وعنه صلى الله عليه وسلم: ومن للتبعيض، أي: يتوبون بعض زمان قريب، كأنه سمى ما بين وجود المعصية وبين حضرة الموت زمانا قريبا، "إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر". فأولئك يتوب الله عليهم عدة بأنه يفي ذلك، وإعلام بأن الغفران كائن لا محالة. وكان الله عليما بعزمهم على التوبة حكيما حكم بكون الندم توبة.