الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

تفسير النسفي

النسفي - عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي

صفحة

جزء

ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا (51) فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا

52 - ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا فلا تطع الكافرين أي : لو شئنا لخففنا عنك أعباء نذارة جميع القرى ولبعثنا في كل قرية نبيا ينذرها ولكن شئنا أن نجمع لك فضائل جميع المرسلين بالرسالة إلى كافة العالمين فقصرنا الأمر عليك وعظمناك به فتكون وحدك ككلهم ولذا خوطب بالجمع يا أيها الرسل فقابل ذلك بالشكر والصبر والتشدد ولا تطع الكافرين فيما يدعونك إليه من موافقتهم ومداهنتهم وكما آثرتك على جميع الأنبياء فآثر رضائي على جميع الأهواء وأريد بهذا تهييجه وتهييج المؤمنين وتحريكهم وجاهدهم به أي : بالله يعني: بعونه وتوفيقه أو بالقرآن أي : جادلهم به وقرعهم بالعجز عنه جهادا كبيرا عظيما موقعه عند الله لما يحتمل فيه من المشاق ، ويجوز أن يرجع الضمير في به إلى ما دل عليه ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا من كونه نذير كافة القرى ؛ لأنه لو بعث في كل قرية نذير لوجب على كل نذير مجاهدة قريته فاجتمعت على رسول الله تلك المجاهدات فكبر جهاده من أجل ذلك وعظم فقال له وجاهدهم بسبب كونك نذير كافة القرى جهادا كبيرا جامعا لكل مجاهدة [ ص: 544 ]

وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا

52 - وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ أَيْ : لَوْ شِئْنَا لَخَفَّفْنَا عَنْكَ أَعْبَاءَ نِذَارَةِ جَمِيعِ الْقُرَى وَلَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَبِيًّا يُنْذِرُهَا وَلَكِنْ شِئْنَا أَنْ نَجْمَعَ لَكَ فَضَائِلَ جَمِيعِ الْمُرْسَلِينَ بِالرِّسَالَةِ إِلَى كَافَّةِ الْعَالَمِينَ فَقَصَرْنَا الْأَمْرَ عَلَيْكَ وَعَظَّمْنَاكَ بِهِ فَتَكُونُ وَحْدَكَ كَكُلِّهِمْ وَلِذَا خُوطِبَ بِالْجَمْعِ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ فَقَابِلْ ذَلِكَ بِالشُّكْرِ وَالصَّبْرِ وَالتَّشَدُّدِ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ فِيمَا يَدْعُونَكَ إِلَيْهِ مِنْ مُوَافَقَتِهِمْ وَمُدَاهَنَتِهِمْ وَكَمَا آثَرْتُكَ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ فَآثِرْ رِضَائِي عَلَى جَمِيعِ الْأَهْوَاءِ وَأُرِيدَ بِهَذَا تَهْيِيجُهُ وَتَهْيِيجُ الْمُؤْمِنِينَ وَتَحْرِيكُهُمْ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ أَيْ : بِاللَّهِ يَعْنِي: بِعَوْنِهِ وَتَوْفِيقِهِ أَوْ بِالْقُرْآنِ أَيْ : جَادِلْهُمْ بِهِ وَقَرِّعْهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْهُ جِهَادًا كَبِيرًا عَظِيمًا مَوْقِعُهُ عِنْدَ اللَّهِ لِمَا يُحْتَمَلُ فِيهِ مِنَ الْمَشَاقِّ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ فِي بِهِ إِلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا مِنْ كَوْنِهِ نَذِيرَ كَافَّةِ الْقُرَى ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بُعِثَ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرٌ لَوَجَبَ عَلَى كُلِّ نَذِيرٍ مُجَاهَدَةُ قَرْيَتِهِ فَاجْتَمَعَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ تِلْكَ الْمُجَاهَدَاتُ فَكَبُرَ جِهَادُهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَظُمَ فَقَالَ لَهُ وَجَاهِدْهُمْ بِسَبَبِ كَوْنِكَ نَذِيرَ كَافَّةِ الْقُرَى جِهَادًا كَبِيرًا جَامِعًا لِكُلِّ مُجَاهَدَةٍ [ ص: 544 ]

التالي السابق

الخدمات العلمية

تفسير الآية ترجمة علم عناوين الشجرة تخريج حديث