يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم
يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين نزلت في نفر من الأوس والخزرج كانوا جلوسا يتحدثون، فمر بهم شاس بن قيس اليهودي فغاظه تألفهم واجتماعهم فأمر شابا من اليهود أن يجلس إليهم ويذكرهم يوم بعاث وينشدهم بعض ما قيل فيه، وكان الظفر في ذلك اليوم للأوس، ففعل فتنازع القوم وتفاخروا وتغاضبوا وقالوا السلاح السلاح، واجتمع مع القبيلتين خلق عظيم، فتوجه إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه: وقال «أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألف بين قلوبكم» فعلموا أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم، فألقوا السلاح [ ص: 31 ] واستغفروا وعانق بعضهم بعضا وانصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإنما خاطبهم الله بنفسه بعد ما أمر الرسول بأن يخاطب أهل الكتاب إظهارا لجلالة قدرهم، وإشعارا بأنهم هم الأحقاء بأن يخاطبهم الله ويكلمهم.
وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله إنكار وتعجيب لكفرهم في حال اجتمع لهم الأسباب الداعية إلى الإيمان الصارفة عن الكفر. ومن يعتصم بالله ومن يتمسك بدينه أو يلتجئ إليه في مجامع أموره. فقد هدي إلى صراط مستقيم فقد اهتدى لا محالة.