ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما [ ص: 190 ] كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون
يعرضون على ربهم : يحبسون في الموقف، وتعرض أعمالهم، ويشهد عليهم، الأشهاد : من الملائكة والنبيين بأنهم الكذابون على الله بأنه اتخذ ولدا وشريكا، ويقال: ألا لعنة الله على الظالمين : فواخزياه، ووافضيحتاه، والأشهاد: جمع شاهد أو شهيد، كأصحاب أو أشراف، ويبغونها عوجا : يصفونها بالاعوجاج وهي مستقيمة، أو يبغون أهلها أن يعوجوا بالارتداد، وهم الثانية; لتأكيد كفرهم بالآخرة، واختصاصهم به، أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض : أي: ما كانوا يعجزون الله في الدنيا أن يعاقبهم لو أراد عقابهم، وما كان لهم من يتولاهم فينصرهم منه ويمنعهم من عقابه، ولكنه أراد إنظارهم وتأخير عقابهم إلى هذا اليوم، وهو من كلام الأشهاد، يضاعف لهم العذاب : وقرئ: "يضعف"، ما كانوا يستطيعون السمع : أراد أنهم لفرط تصامهم عن استماع الحق وكراهتهم له، كأنهم لا يستطيعون السمع، ولعل بعض المجبرة يتوثب إذا عثر عليه فيوعوع به على أهل العدل، كأنه لم يسمع الناس يقولون في كل لسان: هذا كلام لا أستطيع أن أسمعه، وهذا مما يمجه سمعي، ويحتمل أن يريد بقوله: وما كان لهم من أولياء : أنهم جعلوا آلهتهم أولياء من دون الله، وولايتها ليست بشيء، فما كان لهم في الحقيقة من [ ص: 191 ] أولياء، ثم بين نفي كونهم أولياء بقوله: ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون فكيف يصلحون للولاية؟ . وقوله: يضاعف لهم العذاب : اعتراض بوعيد، خسروا أنفسهم : اشتروا عبادة الآلهة بعبادة الله، فكان خسرانهم في تجارتهم ما لا خسران أعظم منه، وهو أنهم خسروا أنفسهم، وضل عنهم : وبطل عنهم وضاع ما اشتروه وهو: ما كانوا يفترون : من الآلهة وشفاعتها، لا جرم : فسر في مكان آخر، هم الأخسرون : لا ترى أحدا أبين خسرانا منهم .