وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون
فجاءها : فجاء أهلها . بياتا مصدر واقع موقع الحال ، بمعنى بائتين ، يقال : بات بياتا حسنا ، وبيتة حسنة ، وقوله : هم قائلون : حال معطوفة على "بياتا" ، كأنه [ ص: 423 ] قيل : فجاءهم بأسنا بائتين أو قائلين .
فإن قلت : هل يقدر حذف المضاف الذي هو الأهل قبل : "قرية" ، أو قبل الضمير في "أهلكناها"؟
قلت : إنما يقدر المضاف للحاجة ولا حاجة ; فإن القرية تهلك كما يهلك أهلها ، وإنما قدرناه قبل الضمير في "فجاءها" لقوله : أو هم قائلون .
فإن قلت : لا يقال : جاءني زيد هو فارس ، بغير واو ، فما بال قوله هم قائلون ؟ قلت : قدر بعض النحويين الواو محذوفة ، ورده الزجاج ، وقال : لو قلت : جاءني زيد راجلا ، أو هو فارس ، أو جاءني زيد هو فارس ، لم يحتج فيه إلى واو ; لأن الذكر قد عاد إلى الأول ، والصحيح : أنها إذا عطفت على حال قبلها ، حذفت الواو استثقالا ، لاجتماع حرفي عطف ; لأن واو الحال هي واو العطف استعيرت للوصل ، فقولك : جاءني زيد آجلا أو هو فارس ، كلام فصيح وارد على حده ، وأما : جاءني زيد هو فارس ، فخبيث .
[ ص: 424 ] فإن قلت : فما معنى قوله : أهلكناها فجاءها بأسنا والإهلاك إنما هو بعد مجيء البأس؟
قلت : معناه : أردنا إهلاكها ; كقوله : إذا قمتم إلى الصلاة [المائدة : 6 ] ، وإنما خص هذان الوقتان : وقت البيات ، ووقت القيلولة ; لأنهما وقت الغفلة والدعة ، فيكون نزول العذاب فيهما أشد وأفظع ، وقوم لوط أهلكوا بالليل وقت السحر ، وقوم شعيب وقت القيلولة .