[ ص: 116 ]
ولم يبق سوى العدوا ن دناهم كما دانوا
فإن قلت: ما هذه الإضافة؟ قلت: هي إضافة اسم الفاعل إلى الظرف على طريق الاتساع، مجرى مجرى المفعول به، كقولهم: يا سارق الليلة أهل الدار، والمعنى على الظرفية، ومعناه: مالك الأمر كله في يوم الدين، كقوله: لمن الملك اليوم [غافر: 16] فإن قلت: فإضافة اسم الفاعل إضافة غير حقيقية، فلا تكون معطية معنى التعريف، فكيف ساغ وقوعه صفة للمعرفة؟ قلت: إنما تكون غير حقيقية إذا أريد باسم الفاعل الحال أو الاستقبال، فكان في تقدير الانفصال، كقولك: مالك الساعة أو غدا، فأما إذا قصد معنى الماضي، كقولك: هو مالك عبده أمس، أو زمان مستمر، كقولك: زيد مالك العبيد، كانت الإضافة حقيقية، كقولك: مولى العبيد، وهذا هو المعنى في: مالك يوم الدين ، ويجوز أن يكون المعنى: ملك الأمور يوم الدين، كقوله: ونادى أصحاب الجنة [ ص: 117 ] [الأعراف: 44] ونادى أصحاب الأعراف [الأعراف: 48]، والدليل عليه قراءة : "ملك يوم الدين" وهذه الأوصاف التي أجريت على الله سبحانه - من كونه ربا مالكا للعالمين لا يخرج منهم شيء من ملكوته وربوبيته، ومن كونه منعما بالنعم كلها الظاهرة والباطنة والجلائل والدقائق، ومن كونه مالكا للأمر كله في العاقبة يوم الثواب والعقاب بعد الدلالة على اختصاص الحمد به، وأنه به حقيق في قوله: الحمد لله - دليل على أن من كانت هذه صفاته لم يكن أحد أحق منه بالحمد والثناء عليه بما هو أهله. أبي حنيفة