إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا
لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا : نفي للغفران والهداية وهي اللطف على [ ص: 164 ] سبيل المبالغة التي تعطيها اللام ، والمراد بنفيهما نفي ما يقتضيهما وهو الإيمان الخالص الثابت ، والمعنى : إن الذين تكرر منهم الارتداد وعهد منهم ازدياد الكفر والإصرار عليه يستبعد منهم أن يحدثوا ما يستحقون به المغفرة ويستوجبون اللطف من إيمان صحيح ثابت يرضاه الله ، لأن قلوب أولئك الذين هذا ديدنهم قلوب قد ضربت بالكفر ومرنت على الردة ، وكان الإيمان أهون شيء عنده وأدونه ، حيث يبدو لهم فيه كرة بعد أخرى وليس المعنى أنهم لو أخلصوا الإيمان بعد تكرار الردة ونصحت توبتهم لم يقبل منهم ولم يغفر لهم ، لأن ذلك مقبول من حيث هو بذل للطاقة واستفراغ للوسع ، ولكنه استبعاد له واستغراب ، وأنه أمر لا يكاد يكون ، وهكذا ترى الفاسق الذي يتوب ثم يرجع ثم يتوب ثم يرجع ، لا يكاد يرجى منه الثبات ، والغالب أنه يموت على شر حال وأسمج صورة ، وقيل : هم اليهود ، آمنوا بالتوراة وبموسى ثم كفروا بالإنجيل وبعيسى . ثم ازدادوا كفرا بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم .