ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا
مما ترك تبيين لكل ، أي : ولكل شيء مما ترك الوالدان والأقربون من المال جعلنا موالي وراثا يلونه ويحرزونه ، أو ولكل قوم جعلناهم موالي ، نصيب مما ترك الوالدان والأقربون على أن جعلنا موالي : صفة لكل ، والضمير الراجع إلى كل محذوف ، والكلام مبتدأ وخبر ، كما تقول : لكل من خلقه الله إنسانا من رزق الله ، أي : حظ من رزق الله ، أو : ولكل أحد جعلنا موالي مما ترك ، أي وراثا مما ترك ، على أن "من" صلة موالي ، لأنهم في معنى الوراث ، وفي "ترك" ضمير كل ، ثم فسر الموالي بقوله : الوالدان والأقربون كأنه قيل : من هم؟ فقيل : الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم مبتدأ ضمن معنى الشرط . فوقع خبره مع الفاء وهو قوله : فآتوهم نصيبهم ويجوز أن يكون منصوبا على قولك : زيدا فاضربه ، ويجوز أن يعطف على "الوالدان" ، [ ص: 65 ] ويكون المضمر في "فآتوهم" للموالي ، والمراد بالذين عاقدت أيمانكم : موالي الموالاة كان الرجل يعاقد الرجل فيقول : دمي دمك ، وهدمي هدمك ، وثأري ثأرك ، وحربي حربك ، وسلمي سلمك ، وترثني وأرثك ، وتطلب بي وأطلب بك ، وتعقل عني وأعقل عنك ، فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف ، فنسخ ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم وعند أنه خطب يوم الفتح فقال : "ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به ، فإنه لم يزده الإسلام إلا شدة ، ولا تحدثوا حلفا في الإسلام" : لو أبي حنيفة صح عنده وورث بحق الموالاة خلافا أسلم رجل على يد رجل وتعاقدا [ ص: 66 ] على أن يتعاقلا ويتوارثا ، وقيل : المعاقدة التبني ، ومعنى عاقدت أيمانكم : عاقدتهم أيديكم وما سحتموهم ، وقرئ "عقدت" بالتشديد والتخفيف بمعنى عقدت عهودهم أيمانكم . للشافعي