[ ص: 455 ] ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون
الرزق يكون بمعنى: المصدر، وبمعنى: ما يرزق، فإن أردت المصدر نصبت به "شيئا"; كقوله: أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما [البلد: 14 - 15] على: لا يملك أن يرزق شيئا، وإن أردت المرزوق كان شيئا بدلا منه، بمعنى: قليلا، ويجوز أن يكون تأكيدا لـ"لا يملك": أي: لا يملك شيئا من الملك، و من السماوات والأرض : صلة للرزق إن كان مصدرا بمعنى: لا يرزق من السموات مطرا، ولا من الأرض نباتا، أو صفة إن كان اسما لما يرزق، والضمير في: ولا يستطيعون : لما; لأنه في معنى: الآلهة، بعد ما قيل: لا يملك : على اللفظ، ويجوز أن يكون للكفار، يعني: ولا يستطيع هؤلاء -مع أنهم أحياء متصرفون أولو ألباب- من ذلك شيئا، فكيف بالجماد الذي لا حس به؟
فإن قلت: ما معنى قوله: ولا يستطيعون بعد قوله: لا يملك ؟ وهل هما إلا شيء واحد ؟
قلت: ليس في "لا يستطيعون" تقدير راجع، وإنما المعنى: لا يملكون أن يرزقوا، منفية عنهم أصلا; لأنهم موات، إلا أن يقدر الراجع ويراد بالجمع بين نفي الملك والاستطاعة للتوكيد أو يراد: أنهم لا يملكون الرزق ولا يمكنهم أن يملكوه، ولا يتأتى ذلك منهم ولا يستقيم.