إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون
إنا نحن نزلنا الذكر : رد لإنكارهم واستهزائهم في قولهم: وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر [الحجر: 6]; ولذلك قال: إنا نحن، فأكد عليهم أنه هو المنزل على القطع والبتات، وأنه هو الذي بعث به جبريل إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- وبين يديه ومن خلفه رصد، حتى نزل وبلغ محفوظا من الشياطين وهو حافظه في كل وقت من كل زيادة ونقصان وتحريف وتبديل، بخلاف الكتب المتقدمة; فإنه لم يتول حفظها، وإنما استحفظها الربانيين والأحبار فاختلفوا فيما بينهم بغيا فكان التحريف، ولم يكل القرآن إلى غير حفظه.
[ ص: 400 ] فإن قلت: فحين كان قوله: إنا نحن نزلنا الذكر : ردا لإنكارهم واستهزائهم، فكيف اتصل بقوله: وإنا له لحافظون ؟
قلت: قد جعل ذلك دليلا على أنه منزل من عنده آية; لأنه لو كان من قول البشر أو غير آية، لتطرق عليه الزيادة والنقصان، كما يتطرق على كل كلام سواه، وقيل: الضمير في "له" لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كقوله تعالى: والله يعصمك [المائدة: 67].