لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين
[ ص: 439 ] قوله تعالى: لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم الآية. فيه خمسة تأويلات: أحدها: فيه حديثكم ، قاله . مجاهد
الثاني: مكارم أخلاقكم ومحاسن أعمالكم ، قاله سفيان.
الثالث: شرفكم إن تمسكتم به وعملتم بما فيه ، قاله ابن عيسى.
الرابع: ذكر ما تحتاجون إليه من أمر دينكم.
الخامس: العمل بما فيه حياتكم ، قاله قوله تعالى: سهل بن عبد الله. فلما أحسوا بأسنا أي عاينوا عذابنا. إذا هم منها يركضون فيه وجهان: أحدهما: من القرية.
الثاني: من العذاب ، والركض: الإسراع. قوله تعالى: لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه أي نعمكم ، والمترف المنعم. لعلكم تسألون فيه ثلاثة أوجه: أحدها: لعلكم تسألون عن دنياكم شيئا ، استهزاء بهم ، قاله . قتادة
الثاني: لعلكم تقنعون بالمسألة ، قاله . مجاهد
الثالث: لتسألوا عما كنتم تعملون ، قاله ابن بحر. قوله تعالى: فما زالت تلك دعواهم يعني ما تقدم ذكره من قولهم يا ويلنا إنا كنا ظالمين حتى جعلناهم حصيدا خامدين فيه قولان: أحدهما: بالعذاب ، قاله الحسن.
الثاني: بالسيف ، قال حتى قتلهم مجاهد: بختنصر. والحصيد قطع الاستئصال كحصاد الزرع. والخمود: الهمود كخمود النار
[ ص: 440 ] إذا أطفئت، فشبه خمود الحياة بخمود النار ، كما يقال لمن مات قد طفئ تشبيها بانطفاء النار.