لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم
قوله عز وجل: لقد جاءكم رسول من أنفسكم فيه قراءتان: إحداهما: من أنفسكم بفتح الفاء ويحتمل تأويلها ثلاثة أوجه: أحدها: من أكثركم طاعة لله تعالى.
الثاني: من أفضلكم خلقا.
الثالث: من أشرفكم نسبا. [ ص: 418 ] والقراءة الثانية: بضم الفاء ، وفي تأويلها أربعة أوجه: أحدها: يعني من المؤمنين لم يصبه شيء من شرك ، قاله محمد بن علي.
الثاني: يعني من نكاح لم يصبه من ولادة الجاهلية ، قاله جعفر بن محمد. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح).
الثالث: ممن تعرفونه بينكم ، قاله . قتادة
الرابع: يعني من جميع العرب لأنه لم يبق بطن من بطون العرب إلا قد ولدوه ، قاله . الكلبي عزيز عليه ما عنتم فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: شديد عليه ما شق عليكم ، قاله . ابن عباس
الثاني: شديد عليه ما ضللتم ، قاله سعيد بن أبي عروبة.
الثالث: عزيز عليه عنت مؤمنكم ، قاله . قتادة حريص عليكم قاله : حريص عليكم أن تؤمنوا. الحسن بالمؤمنين رءوف رحيم فيه وجهان: [ ص: 419 ] أحدهما: بما يأمرهم به من الهداية ويؤثره لهم من الصلاح.
الثاني: بما يضعه عنهم من المشاق ويعفو عنهم من الهفوات ، وهو محتمل. قوله عز وجل: فإن تولوا فيه وجهان: أحدهما: عن طاعة الله ، قاله . الحسن
الثاني: عنك ، ذكره علي بن عيسى. فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت يحتمل وجهين: أحدهما: حسبي الله معينا عليكم.
الثاني: حسبي الله هاديا لكم. وهو رب العرش العظيم يحتمل وجهين: أحدهما: لسعته.
الثاني: لجلالته. روى يوسف بن مهران عن أن آخر ما أنزل من القرآن هاتان الآيتان ابن عباس لقد جاءكم رسول من أنفسكم وهذه الآية. وقال هما أحدث القرآن عهدا بالله وقال أبي بن كعب: : تقدم نزولهما مقاتل بمكة ، والله أعلم.