وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون
قوله عز وجل: وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا . مما ذرأ مما خلق ، مأخوذ من الظهور ، ومنه قيل ملح ذر أي لبياضه ، وقيل لظهور الشيب ذرأة ، والحرث: الزرع ، والأنعام: الإبل والبقر والغنم ، مأخوذ من نعمة الوطء. وهذا إخبار منه عن كفار قريش ومن تابعهم من مشركي العرب ، كانوا يجعلون لله في زروعهم ومواشيهم نصيبا ، ولأوثانهم وأصنامهم نصيبا ، فجعل الله أوثانهم شركاءهم؛ لأنهم قد أشركوهم في أموالهم بالنصيب الذي قد جعلوه فيها لهم ، ونصيبهم في الزرع جزء منها يجعلونه مصروفا في النفقة عليها وعلى خدامها. وفي نصيبهم من الأنعام ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه كنصيبهم من الزرع مصروف في النفقة عليها وعلى خدامها. والثاني: أنه قربان لأوثانهم كانوا يتقربون به إليها. [ ص: 174 ] والثالث: أنه البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام. ثم قال تعالى: فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم فاختلف أهل التأويل في المراد بذلك على أربعة أوجه: أحدها: أنه كان إذا اختلط بأموالهم شيء مما جعلوه لأوثانهم ، ردوه ، وإذا اختلط بها ما جعلوه لله لم يردوه ، قاله ، ابن عباس . والثاني: أنه كان إذا هلك ما لأوثانهم غرموه ، وإذا هلك ما لله لم يغرموه ، قاله وقتادة ، الحسن . والثالث: أنهم كانوا يصرفون بعض ما جعلوه لله في النفقة على أوثانهم ولا يفعلون مثل ذلك فيما جعلوه لأوثانهم ، قاله بعض المتأخرين. والرابع: أن كل شيء جعلوه لله من ذبائحهم لم يأكلوه حتى يذكروا عليه اسم أوثانهم ، ولا يذكرون اسم الله فيما جعلوه لأوثانهم ، قاله والسدي . ابن زيد