يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين
قوله عز وجل: يا معشر الجن والإنس المعشر: الجماعة التامة من القوم التي تشتمل على أصناف الطوائف ، ومنه قيل للعشرة لأنها تمام العقد. ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي اختلفوا في على ثلاثة أقاويل. أحدها: أن الله بعث إلى الجن رسلا منهم ، كما بعث إلى الإنس رسلا منهم ، قاله الرسالة إلى الجن وهو ظاهر الكلام. والثاني: أن الله لم يبعث إليهم رسلا منهم ، وإنما جاءتهم رسل الإنس ، قاله الضحاك ، ابن جريج ، والفراء ، ولا يكون الجمع في قوله: والزجاج ألم يأتكم رسل منكم مانعا من أن يكون الرسل من أحد الفريقين ، كقوله تعالى: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان [الرحمن: 22] وإنما هو خارج من أحدهما. والثالث: أن رسل الجن هم الذين لما سمعوا القرآن ولوا إلى قومهم منذرين [الأحقاف: 29] ، قاله . وفي دخولهم الجنة قولان: أحدهما: قاله ابن عباس . [ ص: 171 ] والثاني: أن ثوابهم أن يجاروا من النار ، ثم يقال لهم كونوا ترابا كالبهائم ، حكاه الضحاك عن سفيان ليث. وينذرونكم لقاء يومكم هذا يحتمل وجهين: أحدهما: ينذرونكم خذلان بعضكم لبعض وتبرؤ بعضكم من بعض في يوم القيامة. والثاني: ينذرونكم ما تلقونه فيه من العذاب على الكفر ، والعقاب على المعاصي. قالوا شهدنا على أنفسنا يحتمل وجهين: أحدهما: إقرارهم على أنفسهم بأن الرسل قد أنذروهم. والثاني: شهادة بعضهم على بعض بإنذار الرسل لهم. وغرتهم الحياة الدنيا فيه وجهان: [ ص: 172 ] أحدهما: وغرتهم زينة الحياة الدنيا. والثاني: وغرتهم الرياسة في الدنيا. ويحتمل ثالثا: وغرتهم حياتهم في الدنيا حين أمهلوا. وشهدوا على أنفسهم وفي هذه الشهادة أيضا الوجهان المحتملان إلا أن تلك شهادة بالإنذار وهذا بالكفر.