قوله عز وجل: ويوم يحشرهم جميعا يعني يحشر الجن والإنس جميعا يوم القيامة. يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس فيه قولان: أحدهما: قد استكثرتم من إغوائهم وإضلالهم ، قاله ، ابن عباس ، والحسن ، وقتادة . والثاني قد استكثرتم من الإنس بإغوائكم لهم. ومجاهد وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: معناه استمتع بعضنا بصحبة بعض في التعاون والتعاضد. والثاني: استمتع بعضنا ببعض فيما زينوه من اتباع الأهواء وارتكاب المعاصي. والثالث: أن الاستمتاع بهم ما كانوا عليه من التعوذ بهم كقوله تعالى: وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن ، قال ، الحسن . ثم فيه وجهان: أحدهما: أنه استمتاع الإنس بالجن. والثاني: أنه استمتاع الإنس بعضهم ببعض. وفيه وجه ثالث: أن الإنس استمتعوا بالجن ، والجن استمتعوا بالإنس في اعتقادهم أنهم يقدرون على النفع. وابن جريج وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا فيه قولان: أحدهما: أنه الموت ، قاله ، الحسن . والثاني: الحشر. والسدي قال النار مثواكم أي منزل إقامتكم ، لأن المثوى الإقامة ، ومنه قول الشاعر:
لقد كان في حول ثواء ثويته تقضي لبانات وتسأم سائم
[ ص: 169 ] خالدين فيها إلا ما شاء الله في ( إلا ) في هذا الموضوع ثلاثة أوجه: أحدها: أنها بمعنى لكن ، قاله والثاني: أنها بمعنى سوى ، قاله سيبويه. . والثالث: أنها مستعملة على حقيقتها ، وهو قول الجمهور. وفي هذا الاستثناء ثلاثة أقاويل. أحدها: أن مدة الاستثناء هي مدة العرض في القيامة وذلك ما بين بعثهم من قبورهم إلى حين مصيرهم إلى جهنم ، فكأنه قال: النار مثواكم خالدين فيها إلا هذه المدة التي ذكرها ، فإنهم فيها غير خالدين في النار. والثاني: معناه خالدين فيها إلا ما شاء الله من تجديد جلودهم بعد إحراقها وتصريفهم في أنواع العذاب أو تركهم فيها على حالتهم الأولى ، فيكون الاستثناء في صفة العذاب لا في الخلود في النار. والثالث: أنه جعل أمرهم في مبلغ عذابهم ومدته إلى مشيئته تعالى ، قاله الفراء ، قال: ولا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه ، ولا ينزلهم جنة ولا نارا. ابن عباس