إن يوم الفصل يعني . يوم القيامة ، سمي بذلك لأنه يفصل فيه الحكم بين الأولين والآخرين والمثابين والمعاقبين كان ميقاتا فيه وجهان :
أحدهما : ميعادا للاجتماع . والثاني : وقتا للثواب والعقاب . وسيرت الجبال فكانت سرابا فيه وجهان :
أحدهما : سيرت أي أزيلت عن مواضعها .
الثاني : نسفت من أصولها . فكانت سرابا فيه وجهان :
أحدهما : فكانت هباء .
الثاني : كالسراب لا يحصل منه شيء كالذي يرى السراب يظنه ماء وليس بماء . إن جهنم كانت مرصادا فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : يعني أنها راصدة فجازتهم بأعمالهم ، قاله . أبو سنان
الثاني : أن على النار رصدا ، لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز عليه ، فمن جاء بجواز جاز ، ومن لم يجئ بجواز لم يجز ، قاله . الحسن
الثالث : أن المرصاد وعيد أوعد الله به الكفار ، قاله . قتادة
[ ص: 186 ]
للطاغين مآبا فيه قولان :
أحدهما : مرجعا ومنقلبا ، قاله . السدي
الثاني : مأوى ومنزلا ، قاله . والمراد بالطاغين من طغى في دينه بالكفر أو في دنياه بالظلم . قتادة لابثين فيها أحقابا يعني كلما مضى حقب جاء حقب وكذلك إلى الأبد واختلفوا في على سبعة أقاويل : أحدها : ثمانون سنة ، قاله مدة الحقب . أبو هريرة
الثاني : أربعون سنة ، قاله . ابن عمر
الثالث : سبعون سنة ، قاله . السدي
الرابع : أنه ألف شهر ، رواه مرفوعا . أبو أمامة
الخامس : ثلاثمائة سنة ، قاله . بشير بن كعب
السادس : سبعون ألف سنة ، قاله . الحسن
السابع : أنه دهر طويل غير محدود ، قاله قطرب . وفي تعليق لبثهم بالأحقاب قولان :
أحدهما : أنه على وجه التكثير ، كلما مضت أحقاب جاءت بعدها أحقاب ، وليس ذلك بحد لخلودهم في النار .
الثاني : أن ذلك حد لعذابهم بالحميم والغساق ، فإذا انقضت الأحقاب عذبوا بغير ذلك من العذاب . لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا في البرد ثلاثة أقاويل :
[ ص: 187 ]
أحدها : أنه برد الماء ، وبرد الهواء ، وهو قول كثير من المفسرين .
الثاني : أنه الراحة ، قاله . قتادة
الثالث : أنه النوم ، قاله مجاهد والسدي . وأنشد قول وأبو عبيدة الكندي
بردت مراشفها علي فصدني عنها وعن تقبيلها البرد
يعني النوم . والشراب ها هنا : العذاب . ويحتمل أن يريد بالشراب الري ، لأن الشراب يروي وهم فيها عطاش أبدا . إلا حميما وغساقا أما الحميم ففيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه الحار الذي يحرق ، قاله . ابن عباس
الثاني : دموع أعينهم في النار تجتمع في حياض في النار فيسقونه ، قاله . ابن زيد
الثالث : أنه نوع من الشراب لأهل النار ، قاله . وأما الغساق ففيه أربعة أقاويل : أحدها أنه القيح الغليظ ، قاله السدي . ابن عمر
الثاني : أنه الزمهرير البارد الذي يحرق من برده ، قاله . ابن عباس
الثالث : أنه صديد أهل النار ، قاله . قتادة
الرابع : أنه المنتن باللغة الطحاوية ، قاله . ابن زيد جزاء وفاقا وهو جمع وفق ، قال أهل التأويل : وافق سوء الجزاء سوء العمل . إنهم كانوا لا يرجون حسابا فيه وجهان :
أحدهما : لا يرجون ثوابا ولا يخافون عقابا ، قاله . ابن عباس
الثاني : لا يخافون وعيد الله بحسابهم ومجازاتهم ، وهذا معنى قول . قتادة وكذبوا بآياتنا كذابا يعني بآيات القرآن ، وفي كذابا وجهان :
[ ص: 188 ]
أحدهما : أنه الكذب الكثير .
الثاني : تكذيب بعضهم لبعض ، ومنه قول الشاعر
فصدقتها وكذبتها والمرء ينفعه كذابه
وهي لغة يمانية .