وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما روى عن سالم قال : جابر أقبلت عير ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في الخطبة فانفتل الناس إليها وما بقي غير اثني عشر رجلا ، فنزلت هذه الآية . وذكر أن الذي قدم بها الكلبي من دحية بن خليفة الكلبي الشام عند مجاعة وغلاء سعر ، وكان معه جميع ما يحتاج إليه من بر ودقيق وغيره فنزل عند أحجار الزيت وضرب الطبل ليؤذن الناس بقدومه ، وكانوا في خطبة الجمعة ، فانفضوا إليها ، وبقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية رجال ، فقال تعالى : وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها والتجارة من أموال التجارات . وفي اللهو هنا أربعة أوجه :
أحدها : يعني لعبا ، قاله . ابن عباس
الثاني : أنه الطبل ، قاله . مجاهد
الثالث : أنه المزمار ، قاله . جابر
الرابع : الغناء . وتركوك قائما يعني في خطبته ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
نفسي بيده لو ابتدرتموها حتى لا يبقى معي أحد لسال الوادي بكم نارا ، وإنما قال تعالى : والذي [ ص: 12 ] انفضوا إليها ولم يقل إليهما ، لأن غالب انفضاضهم كان للتجارة دون اللهو . وقال : في الكلام تقديم وتأخير ، وتقديره وإذا رأوا تجارة انفضوا إليها أو لهوا ، وكذلك قرأ الأخفش . وفي ابن مسعود انفضوا وجهان :
أحدهما : ذهبوا .
الثاني : تفرقوا . فمن جعل معناه ذهبوا أراد التجارة ، ومن جعل معناه تفرقوا أراد عن الخطبة وهذا أفصح الوجهين ، قاله قطرب ، ومنه قول الشاعر
انفض جمعهم عن كل نائرة تبقى وتدنس عرض الواجم الشبم
قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة يحتمل وجهين :
أحدهما : ما عند الله من ثواب صلاتكم من لذة لهوكم وفائدة تجارتكم .
الثاني : ما عند الله من رزقكم الذي قسمت لكم خير مما أصبتموه بانفضاضكم من لهوكم وتجارتكم . والله خير الرازقين يحتمل وجهين :
أحدهما : أن الله سبحانه خير من رزق وأعطى .
الثاني : ورزق الله خير الأرزاق .