ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون هو الذي [ ص: 530 ] أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون
ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام فيهم قولان:
أحدهما: أنهم الكفار والمنافقون ، قاله . ابن جريج
الثاني: أنه النضر وهو من بني عبد الدار قال إذا كان يوم القيامة شفعت لي العزى واللات ، فأنزل الله هذه الآية ، قاله . عكرمة يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم الآية. والإطفاء هو الإخماد ، ويستعملان في النار ، ويستعاران فيما يجري مجراها من الضياء والنور. والفرق بين الإطفاء والإخماد من وجه وهو أن الإطفاء يستعمل في القليل والكثير ، والإخماد يستعمل في الكثير دون القليل ، فيقال أطفأت السراج ولا يقال أخمدت السراج. وفي نور الله هاهنا خمسة أقاويل:
أحدها: القرآن ، يريدون إبطاله بالقول ، قاله ابن زيد.
الثاني: أنه الإسلام ، يريدون دفعه بالكلام ، قاله . السدي
الثالث: أنه محمد صلى الله عليه وسلم يريدون هلاكه بالأراجيف ، قاله . الضحاك
الرابع: أنه حجج الله ودلائله ، يريدون إبطالها بإنكارهم وتكذيبهم ، قاله ابن بحر .
الخامس: أنه مثل مضروب ، أي من أراد إطفاء نور الشمس بفيه فوجده مستحيلا ممتنعا فكذلك من أراد إبطال الحق ، حكاه . وسبب نزول هذه الآية ما حكاه ابن عيسى عن عطاء ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطأ عليه الوحي أربعين يوما ، فقال كعب بن الأشرف: يا معشر اليهود أبشروا فقد أطفأ الله نور محمد فيما كان ينزل عليه ، وما كان الله ليتم أمره ، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك ، فأنزل الله هذه الآية ، ثم اتصل الوحي بعدها. ليظهره على الدين كله الآية. وفي الإظهار ثلاثة أقاويل:
أحدها: الغلبة على أهل الأديان. [ ص: 531 ] الثاني: العلو على الأديان.
الثالث: العلم بالأديان من قولهم قد ظهرت على سره أي علمت به.