يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة قرأ ، ابن كثير ، ونافع بفتح السين ، والباقون بكسرها ، واختلف أهل اللغة في الفتح والكسر ، على وجهين: أحدهما: أنهما لغتان تستعمل كل واحدة منهما في موضع الأخرى. والثاني: معناهما مختلف ، والفرق بينهما أن السلم بالكسر الإسلام ، والسلم بالفتح المسالمة ، من قوله تعالى: والكسائي وإن جنحوا للسلم فاجنح لها [الأنفال: 61] وفي المراد بالدخول في السلم ، تأويلان: أحدهما: الدخول في الإسلام ، وهو قول ، ابن عباس ، ومجاهد والثاني: معناه ادخلوا في الطاعة ، وهو قول والضحاك. ، الربيع . وفي قوله: وقتادة كافة تأويلان: أحدهما: عائد إلى الذين آمنوا ، أن يدخلوا جميعا في السلم. والثاني: عائد إلى السلم أن يدخلوا في جميعه. ولا تتبعوا خطوات الشيطان يعني آثاره. [ ص: 268 ]
إنه لكم عدو مبين فيه تأويلان: أحدهما: مبين لنفسه. والآخر: مبين بعدوانه. واختلفوا على قولين: أحدهما: بامتناعه من السجود فيمن أبان به عدوانه لآدم. والثاني: بقوله: لأحتنكن ذريته إلا قليلا [الإسراء: 62] . واختلفوا فيمن أمر بالدخول في السلم كافة ، على ثلاثة أقاويل: أحدها: أن المأمور بها المسلمون ، والدخول في السلم العمل بشرائع الإسلام كلها ، وهو قول ، مجاهد . والثاني: أنها نزلت في أهل الكتاب ، آمنوا بمن سلف من الأنبياء ، فأمروا بالدخول في الإسلام ، وهو قول وقتادة ، ابن عباس والثالث: أنها نزلت في والضحاك. ثعلبة ، ، وعبد الله بن سلام وابن يامين ، وأسد ، وأسيد ابني كعب ، وسعيد بن عمرو ، وقيس بن زيد ، كلهم من يهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم السبت كنا نعظمه ونسبت فيه ، وإن التوراة كتاب الله تعالى ، فدعنا فلنصم نهارنا بالليل ، فنزلت هذه الآية ، وهو قول قوله تعالى: عكرمة. فإن زللتم فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: معناه عصيتم. والثاني: معناه كفرتم. والثالث: إن ضللتم وهذا قول السدي. من بعد ما جاءتكم البينات فيه أربعة تأويلات: أحدها: أنها حجج الله ودلائله. [ ص: 269 ]
والثاني: محمد ، وهو قول والثالث: القرآن ، وهو قول السدي. والرابع: الإسلام. ابن جريج. فاعلموا أن الله عزيز حكيم يعني عزيز في نفسه ، حكيم في فعله.