قوله عز وجل : والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس فيه قولان :
أحدهما : أنه أراد المسجد نفسه ، ومعنى قوله : الذي جعلناه للناس أي قبلة لصلاتهم ومنسكا لحجهم .
سواء العاكف فيه وهو المقيم ، والباد وهو الطارئ إليه، وهذا قول . ابن عباس
[ ص: 16 ] والقول الثاني : أن المراد بالمسجد الحرام جميع الحرم، وعلى هذا في قوله :
الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد وجهان :
أحدهما : أنهم سواء في دوره ومنازله ، وليس العاكف المقيم أولى بها من البادي المسافر، وهذا قول ومن منع بيع دور مجاهد مكة . كأبي حنيفة
والثاني : أنهما سواء في أن من دخله كان آمنا ، وأنه لا يقتل بها صيدا ولا يعضد بها شجرا .
ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم والإلحاد : الميل عن الحق، والباء في قوله : بإلحاد زائدة كزيادتها في قوله تعالى : تنبت بالدهن [المؤمنون : 20] ومثلها في قول الشاعر
نحن بنو جعدة أصحاب الفلج نضرب بالسيف ونرجو بالفرج
أي نرجو الفرج ، فيكون تقدير الكلام : ومن يرد فيه إلحادا بظلم . وفي الإلحاد بالظلم أربعة تأويلات :
أحدها : أنه الشرك بالله بأن يعبد فيه غير الله ، وهذا قول ، مجاهد . وقتادة
والثاني : أنه استحلال الحرام فيه ، وهذا قول . ابن مسعود
والثالث : استحلال الحرام متعمدا ، وهذا قول . ابن عباس
والرابع : أنه احتكار الطعام بمكة ، وهذا قول . حسان بن ثابت
قال : نزلت هذه الآية في ابن عباس وأصحابه حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمرته عام أبي سفيان بن حرب الحديبية .
[ ص: 17 ]