إنما الورد من الشوك ولا ينبت النرجس إلا من بصل
ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها فيه إشارة إلى أن الاشتراك في الجنسية من أسباب الألفة، إن الطيور على أشباهها تقع، كل حزب بما لديهم فرحون فيه إشارة إلى أنه عز وجل لم يكره أحدا على ما هو عليه، إن حقا، وإن باطلا، وإنما وقع التعاشق بين النفوس بحسب استعدادها، وما هي عليه، فأعطى سبحانه جلت قدرته كل عاشق معشوقه الذي هام به قلب استعداده، وصار حبه ملء فؤاده، وهذا [ ص: 64 ] سر الفرح، وما ألطف ما قال قيس بن ذريح:
تعلق روحي روحها قبل خلقنا ومن قبل ما كنا نطافا وفي المهد
فزاد كما زدنا فأصبح ناميا وليس إذا متنا بمنفصم العقد
ولكنه باق على كل حادث وزائرنا في ظلمة القبر واللحد
وإذا مس الناس الآية فيها إشارة إلى أن طبيعة الإنسان ممزوجة من هداية الروح وإطاعتها، ومن ضلال النفس وعصيانها، فالناس إذا أظلتهم المحنة ونالتهم الفتنة ومستهم البلية وانكسرت نفوسهم وسكنت دواعيها وتخصلت أرواحهم عن أسر ظلمة شهواتها رجعت أرواحهم إلى الحضرة ووافقتها النفوس على خلاف طباعها، فدعوا ربهم منيبين إليه، فإذا جاد سبحانه عليهم بكشف ما نالهم، ونظر جل وعلا باللطف فيما أصابهم، عاد منهم من تمرد إلى عادته المذمومة وطبيعته الدنية المشئومة، ظهر الفساد في البر والبحر إلخ، فيه إشارة إلى أن الشرور ليست مرادة لذاتها، بل هي كبط الجرح وقطع الأصبع التي فيها آكلة، فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون فيه إشارة لأهل الوراثة المحمدية أهل الإرشاد بأن يصبروا على مكاره المنكرين المحجوبين الذين لا يوقنون بصدق أحوالهم، ولذا يستخفون بهم، وينظرون إليهم بنظر الحقارة، ويعيرونهم وينكرون عليهم، فيما يقولون ويفعلون، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الموقنين، وأن يحفظنا وأولادنا وإخواننا من الأمراض القلبية والقالبية بحرمة نبيه الأمين صلى الله تعالى وسلم عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.