وقال في ذلك: إن (من) متضمنة معنى الاستفهام، وليس معنى التضمن أن الاسم دل على معنيين معا معنى الاسم ومعنى الحرف، وإنما معناه أن الأصل (أمن) فحذف حرف الاستفهام واستمر الاستعمال على حذفه كما حذف من هل والأصل (أهل) كما قال: الزمخشري
سائل فوارس يربوع بشدتنا أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم
فإذا أدخلت حرف الجر على (من) فقدر الهمزة قبل حرف الجر في ضميرك كأنك تقول: أعلى من تنزل الشياطين، كقولك: أعلى زيد مررت، اهـ.
وتعقبه صاحب الفرائد بقوله: يشكل ما ذكر بقولهم: من أين أنت ومن أين جئت، وقوله تعالى: من أي شيء خلقه وقوله: فيم وبم ومم وحتام ونحوها، وأجاب صاحب الكشف بأنه لا إشكال في نحو (من أين أنت)؟ لأن التقدير: أمن البصرة أم من الكوفة مثلا، ولا يخفى أنه [ ص: 139 ] لا يحتاج - على ما حققه النحاة - إلى جميع ذلك.
وجملة على من تنزل إلخ في موضع نصب بـ(أنبئكم) لأنه معلق بالاستفهام، وهي إما سادة مسد المفعول الثاني إن قدرت الفعل متعديا لاثنين، ومسد مفعولين إن قدرته متعديا لثلاثة، والمراد: هل أعلمكم جواب هذا الاستفهام- أعني على من تنزل الشياطين- وأصل تنزل تتنزل فحذف إحدى التاءين.
والكلام على معنى القول عند أبي حيان كأنه قيل: قل يا محمد : هل أنبئكم على من تنزل الشياطين