وقيل لهم أين ما كنتم في الدنيا تعبدون تستمرون على عبادته من دون الله أي: أين آلهتكم الذين كنتم تزعمون أنهم شفعاؤكم في هذا الموقف هل ينصرونكم بدفع ما تشاهدون من الجحيم وما فيها من العذاب أو ينتصرون بدفع ذلك عن أنفسهم، وهذا سؤال تقريع لا يتوقع له جواب، ولذلك قيل: فكبكبوا فيها أي ألقوا في الجحيم على وجوههم مرة بعد أخرى إلى أن يستقروا في قعرها، فالكبكبة تكرير الكب وهو مما ضوعف فيه الفاء، كما قال وجمهور البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن الثالث بدل من مثل الثاني، فأصل (كبكب) عندهم (كبب) فأبدل من الباء الثانية كاف، وضمير الجمع لما يعبدون من دون الله وهم الأصنام، وأكد بالضمير المنفصل أعني ( هم ) وكلا الضميرين للعقلاء، واستعملا [ ص: 103 ] في الأصنام؛ تهكما، أو بناء على إعطائها الفهم والنطق، أي كبكب فيها الأصنام والغاوون الذين عبدوها. الزجاج
والتعبير عنهم بهذا العنوان دون العابدون للتسجيل عليهم بوصف الغواية، وفي تأخير ذكرهم عن ذكر آلهتهم رمز إلى أنهم يؤخرون في الكبكبة عنها؛ ليشاهدوا سوء حالها فينقطع رجاؤهم قبل دخول الجحيم.
وعن أن ضمير (كبكبوا) ومؤكده لمشركي السدي العرب ، والغاوون سائر المشركين، وقيل: الضمير للمشركين مطلقا ويراد بهم التبعة والغاوون هم القادة المتبعون، وقيل: الضمير لمشركي الإنس مطلقا والغاوون الشياطين، والكل كما ترى، ويبعد الأخير.