( باب النجاسة [ ص: 287 ] وإزالتها ) قيل كان ينبغي تأخيرها عن التيمم ؛ لأنه بدل عما قبلها لا عنها أو تقديمها عقب المياه ، وقد يجاب بأن لهذا الصنيع وجها أيضا وهو أن إزالتها لما كانت شرطا للوضوء والغسل على ما مر وكان لا بد في بعضها من تراب التيمم كانت آخذة طرفا مما قبلها ومما بعدها فتوسطت بينهما إشارة لذلك ( هي ) لغة المستقذر وشرعا بالحد مستقذر يمنع صحة الصلاة حيث لا مرخص وحدت بغير ذلك ، وقد بسطت الكلام عليه في شرح العباب بما لا يستغنى عن مراجعته لكثرة فوائده وعزة أكثرها وبالعد وسلكه لسهولة معرفتها به وإشارة إلى أن الأصل في الأعيان الطهارة ؛ لأنها خلقت لمنافع العباد وإنما تحصل أو تكمل بالطهارة وإلى أن ما عدا ما ذكره [ ص: 288 ] ونحوه طاهر ( كل مسكر ) أي صالح للإسكار فدخلت القطرة من المسكر وأريد به هنا مطلق المغطي للعقل لا ذو الشدة المطربة وإلا لم يحتج لقولهم ( مائع ) كخمر بسائر أنواعها وهي المتخذة من العنب ، ونبيذ وهو المتخذ من غيره لأنه تعالى سماها رجسا وهو شرعا النجس ولا يلزم منه نجاسة ما بعدها في الآية ؛ لأن النجس إما مجاز فيه والجمع بين الحقيقة والمجاز جائز وعلى امتناعه وهو ما عليه الأكثرون [ ص: 289 ] هو من عموم المجاز أو حقيقة لأنه يطلق أيضا على مطلق المستقذر واستعمال المشترك في معانيه جائز استغناء بالقرينة كما في الآية فاندفع ما لابن عبد السلام هنا وفي الحديث { } وخرج بالمائع نحو كل مسكر خمر وكثير العنبر والزعفران فهذه كلها مسكرة لكنها جامدة فكانت طاهرة والمراد بالإسكار هنا الذي وقع في عبارة البنج والحشيش والأفيون وجوزة الطيب المصنف وغيره في نحو الحشيش مجرد تغييب العقل فلا منافاة بينه وبين تعبير غيره بأنها مخدرة خلافا لمن وهم فيه وما ذكرته في الجوزة من أنها مسكرة بالمعنى المذكور وأنها حرام صرح به أئمة المذاهب الثلاثة واقتضاه كلام الحنفية ولا يرد على المتن جامد الخمر ودرديه ولا ذائب نحو حشيش لم تصر فيه شدة مطربة نظرا لأصلهما [ ص: 290 ] ( وكلب ) للأمر بالتطهير من ولوغه سبعا مع التعفير والأصل عدم التعبد إلا لدليل بعينه ولا دليل على ذلك ( وخنزير ) لأنه أسوأ حالا منه إذ لا يجوز الانتفاع به في حالة الاختيار بحال مع صلاحيته له فلا يرد نحو الحشرات ؛ ولأنه مندوب إلى قتله من غير ضرر