( وتقبل ) وهي رجلان وإن تعلقت بالنفي لمسيس الحاجة كالبينة بأن لا وارث غير هؤلاء ولا يحلف معها إلا بطلب الخصم ؛ لأنها قد لا تطلع على مال له باطن بخلاف طلبه لها بالتلف مع بينته ؛ لأن فيه محض تكذيب لها ( في الحال ) إن اطلعت على أحواله الباطنة كما قال ( وشرط شاهده ) أي الإعسار ( خبرة باطنه ) لنحو طول جوار [ ص: 141 ] ومخالطة مع مشاهدة مخايل الضر والإضافة إلى أن يغلب على ظنه إعساره ؛ لأن الأموال تخفى فلا يجوز الاعتماد على مجرد ظاهر الحال وشرط بعضهم في شاهدي المرأة كونها محرمين لها ؛ لأن غيرهم لا يطلعون على باطن حالها وفيه نظر ؛ إذ قد يستفيض عنده عنها ما يكاد يقطع بإعسارها لأجله وبتسليمه فيلحق بالمحرم نحو الزوج والممسوح ويعتمد قول الشاهد أنه خبير بباطنه وكان الفرق بينه وبين شاهد التزكية مسيس الحاجة هنا لذلك وخرج بشاهد الإعسار الشاهد بتلف ماله الذي لا يعرف له غيره فلا يشترط فيه خبرة باطنه . بينة الإعسار
( وليقل ) شاهد الإعسار ( هو معسر ) مع ما يأتي ( ولا يمحض النفي كقوله لا يملك شيئا ) بل يقيده كقوله لا يملك إلا ما يبقى له أو لممونه وينبغي أن لا يكتفي منه بالإجمال كالعجز الشرعي خلافا للبلقيني بل لا بد من بيان ذلك المبقى له وإن كان عالما موافقا للقاضي ؛ لأن الإجمال ليس من وظيفة الشاهد بل وظيفته التفصيل ليرى فيه القاضي ويحكم بمعتقده كما سيأتي مع ما فيه ، ولو لزمه الحلف على نفيه ونحو محجور وغائب وجهة عامة لا يتوقف التحليف لأجله على طلب وأفتى ادعى غريمه ولو بعد ثبوت إعساره أن له مالا باطنا لا تعلمه بينته وطلب حلفه القفال بأن الشهادة باليسار لا بد فيها من بيان سببه وتبعه في الشامل ولو تعارضت بينة يسار وبينة إعسار قدمت الأولى عند جمع متقدمين وقيده آخرون بما إذا جهل حاله فإن عرف له مال قبل قدمت الثانية .
( تنبيه ) قال الزركشي قضية كلامهم هنا أنه لو محض النفي لا يقبل وبه صرح القاضي وغيره لكن نص في الشاهد بأن لا وارث له آخر على أنه يقول لا أعلم له وارثا آخر ولا يمحض النفي فإن محضه كلا وارث له آخر أخطأ المعنى ولم ترد شهادته ا هـ . وقد يفرق بأن الوارث يظهر غالبا فعدم ظهوره دليل لتمحيض النفي فلم يعد منه تهورا وليس الإعسار كذلك ؛ لأنه يظهر على صاحبه غالبا أن له شيئا فتمحيضه النفي فيه تهور منه فلم يقبل [ ص: 142 ] ويؤخذ منه أنه لا يقبل منه تمحيضه وإن علم أنه الواقع وادعاه لما تقرر أن ذلك نادر جدا فعد به متهورا وإن فرض أن المفلس باطنا كذلك ؛ لأن من هذا حاله لا يخفى أمره غالبا .
( وإذا ثبت إعساره ) ولو في غيبة خصمه ؛ إذ لا يتوقف ثبوته على حضوره ( لم يجز حبسه ولا ملازمته بل يمهل ) من غير مطالبة ( حتى يوسر ) للآية نعم له الدعوى عليه كل وقت أنه حدث له مال ويحلفه ؛ لأنه محتمل وظاهر أن محله ما لم يظهر منه التعنت والإضرار وعلم من كلامه جواز حبس المدين ولو على زكاة أو عشر لا كفارة ؛ لأنها تؤدى بغير المال قاله لكن نظر فيه غيره والذي يتجه في كفارة فورية تعين فيها المال الحبس لا في زكاة تقبل السقوط بادعاء تلف أو نحوه وأن المراد بالعشر ما يشرط على من دخلوا دارنا بالتجارة أو الخراج المضروب بحق إلى ثبوت إعساره ، نعم لا يحبس أصل لفرعه مطلقا ولا نحو من وقعت الإجارة على عينه إذا تعذر العمل في الحبس بل يقدم حق المستأجر على غيره ويستوثق القاضي عليه إن خاف هربه بما يراه . شريح
ولو قيل : إنه يجاب للحبس في غير وقت العمل كالليل لم يبعد ولا مريض لا ممرض له ولا مخدرة ولا ابن سبيل بل يوكل بهم ليترددوا ويتمحلوا ولا غير مكلف ولا ولي أو وكيل لم يجب المال بمعاملته وإلا حبس ولا قن جني ولا سيده حتى يؤدي أو يبيع بل يباع عليه إذا وجد راغب ، وامتنع من البيع والفداء ولا مكاتب لنجم لتمكنه من إسقاطه متى شاء وللدائن ملازمة من لم يثبت إعساره ما لم يختر المدين الحبس فيجاب إليه وأجرة الحبس وكذا الملازمة على ما يأتي قبيل القسمة على المدين ولو لم يفد فيه زاد في تعزيره بما يراه من ضرب وغيره كذا قيل ويتعين فرضه فيمن كما مر ومن حبسه قاض لا يطلق إلا برضا غريمه أو بثبوت إعساره ولا يخرج بغير إذنه إلا لضرورة كدعوى أو رد جوابها والذي يتجه حيث لم يوجد حبس إلا ببلد بعيد حبسه فيه وإن لم يكن بعمله كالتغريب في الزنا وإنما لم يحضر من فوق مسافة العدوي ؛ لأن الحق ثم لم يثبت وللحاكم منع المحبوس مما يرى المصلحة [ ص: 143 ] في منعه منه كتمتعه بحليلته ولا يلزم الزوجة إجابته إلى الحبس إلا إن كان بيتا لائقا بها لو طلبها للسكنى فيه فيما يظهر وكترفهه بشم ريحان وبغيره كالاستئناس بالمحادثة وكغلق الباب عليه وكمنعه من الجمعة بخلاف عمل الصنعة ونحوه مما لا ترفه فيه . عرف له مال وامتنع من الأداء منه