الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وشرط العوض كونه دينا ) ؛ إذ لا ملك له يرد العقد عليه موصوفا بصفات السلم ، نعم الأوجه أنه يكفي نادر الوجود هنا ( مؤجلا ) ؛ لأنه المأثور سلفا وخلفا ولأنه عاجز حالا ولم يكتف بهذا عما قبله قال ابن الصلاح : لأن دلالة الالتزام لا يكتفى بها في المخاطبات وهذان وصفان مقصودان . ا هـ . وفيه نظر ؛ لأن دلالة المؤجل على الدين [ ص: 395 ] من دلالة التضمن لا الالتزام ؛ لأن مفهوم المؤجل شرعا دين تأخر وفاؤه فهو مركب من شيئين ودلالة التضمين يكتفى بها في المخاطبات فالأحسن في الجواب أنه تصريح بما علم من المؤجل ( ولو منفعة ) في الذمة كما يجوز جعلها ثمنا وأجرة فتجوز على بناء دارين في ذمته موصوفتين في وقتين معلومين ، لكن لما لم تخل المنفعة في الذمة من التأجيل ، وإن كان في بعض نجومها تعجيل كان التأجيل فيها الذي أفاده المتن وغيره شرطا في الجملة لا مطلقا لا على خدمة شهرين متصلين ، أو منفصلين ، وإن صرح بأن كل شهر نجم ؛ لأنهما نجم واحد [ ص: 396 ] إذ المنافع المتعلقة بالأعيان لا يجوز شرط تأجيلها ، ومن ثم لم يصح على ثوب يؤدي نصفه بعد سنة ونصفه بعد سنتين ، أما إذا لم يكن دينا ، فإن كان غير منفعة عين لم تصح الكتابة وإلا صحت على ما تقرر ويأتي ( ومنجما بنجمين ) ولو إلى ساعتين ، وإن عظم المال ( فأكثر ) ؛ لأنه المأثور أيضا نظير ما تقرر ولما مر أنها مشتقة من ضم النجوم بعضها إلى بعض وأقل ما يحصل به الضم اثنان

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : نعم الأوجه أنه يكفي نادر الوجود هنا ) كتب عليه م ر . ( قوله : لأن دلالة المؤجل على الدين [ ص: 395 ] من دلالة التضمن ) قد يمنعه ابن الصلاح . ( قوله : لا الالتزام ) لابن الصلاح منعه بأن التضمن قد يسمى بالالتزام . ( قوله : يكتفى بها في المخاطبات ) لابن الصلاح منعه . ( قوله : فالأحسن في الجواب أنه تصريح إلخ ) لك أن تقول : هذا ليس بجواب فضلا عن كونه أحسن فيه وذلك ؛ لأن حاصل السؤال الذي أجاب عنه ابن الصلاح أن قوله : مؤجلا يدل على قوله : دينا فلم لم يكتف به عنه ؟ ولا يخفى أن هذا بمعنى قولنا : لم صرح بقوله دينا مع علمه من قوله : مؤجلا ومعلوم أن هذا لا يندفع بجواب الشارح ؛ لأن حاصل الكلام حينئذ أنه إنما صرح به مع علمه من المؤجل للتصريح بما علم من المؤجل ، ولا يخفى فساده لمن تدبر نعم قد يجاب عن المصنف أيضا بأنه لدفع توهم دخول التأجيل في الأعيان اهتماما بالمقام . ( قوله : فيجوز على بناء دارين في ذمته ) كأنه احتراز عن المتعلقة بعينه فهي كالخدمة فيما يأتي آنفا . ( قوله : في وقتين معلومين ) لك أن تقول : فيه جمع بين التقدير بالعمل وهو بناء الدارين والزمان وهو الوقتان المعلومان ، وقد منعوا ذلك في الإجارة لمعنى موجود هاهنا فيحتمل أن يسوي بينهما بأن يحمل ما هنا على أن المراد بالوقتين وقتا ابتداء الشروع في كل دار لا جميع وقت العمل ويحتمل أن يفرق بأن المنفعة ثم معوض وهنا عوض والعوض أوسع أمرا من المعوض ويتسامح فيه أكثر ، أو بأن ما يتعلق بالعتق المتشوف إليه الشارع يتسامح فيه ، أو بغير ذلك فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : لما لم تخل ) كان وجهه أن المنفعة متعلقة بأجزاء الزمان المستقبل فكان حضورها متوقفا على حضور [ ص: 396 ] تلك الأجزاء فكانت مؤخرة إلى حضورها وكانت مؤجلة وقوله : شرطا في الجملة أي كما في مثال بناء الدارين المذكور أي : بالنسبة للنجم الثاني دون الأول أخذا مما يأتي أن المنفعة في الذمة يجوز اتصالها بالعقد وقوله : لا مطلقا أي : كما في النجم الأول في هذا المثال على ما تقرر فليراجع . ( قوله : إذ المنافع إلخ ) قد يخرج ما في الذمة حتى يجوز على خدمة شهرين في الذمة فليراجع . ( قوله : المتعلقة بالأعيان إلخ ) فيه دلالة على أن صورة المسألة خدمته بنفسه ( قوله : على ما تقرر ) أين ؟ ( قوله : فإن كان غير منفعة إلخ ) عبارة شرح المنهج : فإن لم يكن منفعة عين لم تصح الكتابة . ( قوله أيضا : فإن كان غير منفعة عين لم تصح الكتابة إلخ ) عبارة شرح المنهج ، فإن لم يكن منفعة عين لم تصح الكتابة وإلا صحت . ا هـ . وصحتها إذا كانت منفعة عين لا ينافي أنه لا بد من انضمام شيء آخر حتى يتعدد النجم أخذا مما يأتي في قوله : ولو كانت خدمة شهر إلخ فلا ينافي قول الشارح [ ص: 397 ] لا خدمة شهرين إلخ ؛ لعدم تعدد النجم فيه . ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : موصوفا إلخ ) أي : إن كان عرضا مغني ( قوله : والأوجه أنه يكفي إلخ ) أي : وإن لم يكف ثم نهاية والفرق أن عقد السلم معاوضة محضة المقصود منها حصول المسلم فيه في مقابلة رأس المال فاشترط فيه القدرة على تحصيله وقت الحلول وأيضا فالشارع متشوف للعتق فاكتفى فيه بما يؤدي إلى العتق ولو احتمالا ع ش . ( قوله : لأنه المأثور إلخ ) عبارة المغني ؛ لأن المأثور عن الصحابة فمن بعدهم قولا وفعلا إنما هو التأجيل ولم يعقدها أحد منهم حالة ولو جاز لم يتفقوا على تركه مع اختلاف الأغراض خصوصا وفيه تعجيل عتقه واختار ابن عبد السلام والروياني في حليته جواز الحلول وهو مذهب الإمامين مالك وأبي حنيفة . ا هـ . ( قوله : ولم يكتف إلخ ) عبارة النهاية وإنما لم يكتف إلخ ؛ لأن دلالة الالتزام كما قال [ ص: 395 ] ابن الصلاح : لا يكتفى بها إلخ . ( قوله : من دلالة التضمن إلخ ) قد يمنعه ابن الصلاح بأن التضمن قد يسمى بالالتزام سم . ( قوله : ودلالة التضمن يكتفى بها إلخ ) لابن الصلاح منعه سم فيه أن منعه مكابرة . ( قوله : فالأحسن في الجواب إلخ ) فيه أن حاصل السؤال الذي أجاب عنه ابن الصلاح أن مؤجلا يدل على دينا فلم لم يكتف به عنه ؟ ولا يخفى أن هذا بمعنى لم صرح بدينا مع علمه من مؤجلا ومعلوم أن هذا لا يندفع بجواب الشارح ؛ لأن حاصله إنما صرح به مع علمه من المؤجل للتصريح بما علم من المؤجل ، ولا يخفى فساده لمن تدبر نعم قد يجاب عن المصنف أيضا بأنه لدفع توهم دخول التأجيل في الأعيان اهتماما بالمقام سم عبارة سيد عمر : قوله : فالأحسن إلخ إنما يظهر حسنه لو تأخر فتدبر . ا هـ . أي : تأخر دينا عن مؤجلا أقول : وقد يجاب عن المصنف بما هو مقرر عندهم أن إغناء المتأخر عن المتقدم ليس بمعيب وإنما المعيب العكس .

                                                                                                                              ( قوله : في الذمة ) إلى قول المتن : وقيل في المغني إلا قوله : لكن لما إلى لا على خدمة وقوله : ومن ثم إلى أما إذا وإلى قوله : وإن أطال البلقيني في النهاية إلا قوله : لكن لما إلى لا على خدمة وقوله : ونقل شارح إلى المتن . ( قوله : فيجوز على بناء دارين في ذمته ) كأنه احتراز عن المتعلقة بعينه فهي كالخدمة فيما يأتي آنفا سم . ( قوله : في وقتين معلومين ) لك أن تقول : فيه جمع بين التقدير بالعمل وهو بناء الدارين والزمان وهو الوقتان المعلومان وقد منعوا ذلك في الإجارة لمعنى موجود هاهنا فيحتمل أن يسوى بينهما بأن يحمل ما هنا على أن المراد بالوقتين وقتا ابتداء الشروع في كل دار لا جميع وقت العمل ويحتمل أن يفرق بأن المنفعة ثم معوض وهنا عوض والعوض أوسع أمرا من المعوض ويتسامح فيه أكثر ، أو بأن ما يتعلق بالعتق المتشوف إليه الشارع يتسامح فيه ، أو بغير ذلك فليتأمل سم لعل الأقرب الأول . ( قوله : لكن لما لم تخل المنفعة إلخ ) كان وجهه أن المنفعة متعلقة بأجزاء الزمان المستقبل فكان حضورها متوقفا على حضور تلك الأجزاء فكانت مؤخرة إلى حضورها وكانت مؤجلة وقوله : شرطا في الجملة أي كما في مثال بناء الدارين المذكور أي : بالنسبة للنجم الثاني دون الأول أخذا مما يأتي أن المنفعة في الذمة يجوز اتصالها بالعقد وقوله : لا مطلقا أي : كما في النجم الأول في هذا المثال على ما تقرر فليراجع سم وفي شرح المنهج وحواشيه ما يوافقه .

                                                                                                                              ( قوله : لا على خدمة شهرين إلخ ) أي بنفسه بجيرمي و سم ومغني . ( قوله : أو منفصلين إلخ ) عبارة الروض مع شرحه ولو كاتب عبده على خدمة شهرين وجعل كل شهر نجما لم يصح قال الرافعي : لأن منفعة الشهر الثاني متعينة والمنافع المتعلقة بالأعيان لا تؤجل ، أو كاتبه على خدمة رجب ورمضان فأولى بالفساد لانقطاع ابتداء المدة الثانية عن آخر الأولى . ا هـ . عبارة المغني تنبيه ظاهر كلامه الاكتفاء بالمنفعة وحدها والمنقول أنه إن كان العوض منفعة عين حالة نحو كاتبتك على أن تخدمني شهرا ، أو تخيط لي ثوبا [ ص: 396 ] بنفسك فلا بد معها من ضميمة مال كقوله : وتعطيني دينارا بعد انقضائه ؛ لأن الضميمة شرط فلم يجز أن يكون العوض منفعة عين فقط فلو اقتصر على خدمة شهرين وصرح بأن كل شهر نجم لم يصح ؛ لأنهما نجم واحد ولا ضميمة ولو كاتبه على خدمة رجب ورمضان فأولى بالفساد إذ يشترط في الخدمة والمنافع المتعلقة بالأعيان أن تتصل بالعقد . ا هـ . وفي البجيرمي عن الحلبي بعد ذكر ما يوافقه ما نصه : وبهذا يعلم أنه لا فرق بين البناء والخدمة وأنهما متى تعلقا بالعين لم تصح من غير ضم نجم آخر خلافا لما يتوهم من كلام الشارح . ا هـ . ( قوله : إذ المنافع المتعلقة بالأعيان إلخ ) فيه دلالة على أن صورة المسألة خدمته بنفسه سم . ( قوله : ومن ثم لم تصح على ثوب إلخ ) أي بأن وصف الثوب بصفة السلم كما في الروض ووجه ترتب هذا على ما قبله أنه إذا سلم النصف في المدة الأولى تعين النصف الثاني للثانية والمعين لا يجوز تأجيله كما قاله في شرحه وما في حاشية الشيخ غير صحيح رشيدي يعني بذلك قول ع ش قوله : على ثوب أي : على خياطة ثوب ليكون المعقود عليه منفعة . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فإن كان غير منفعة عين إلخ ) عبارة شرح المنهج فإن لم تكن منفعة عين لم تصح الكتابة وإلا صحت انتهت وصحتها إذا كانت منفعة عين لا تنافي أنه لا بد من انضمام شيء آخر حتى يتعدد النجم أخذا مما يأتي في قول المصنف ولو كاتب على خدمة شهر إلخ فلا ينافي قول الشارح لا على خدمة شهرين إلخ أي : لعدم تعدد النجم فيه . ا هـ . سم . ( قوله : وإلا ) أي : بأن كانت منفعة متعلقة بعين المكاتب حلبي . ( قوله : على ما تقرر ) أي : من اتصالها بالعقد ع ش . ( قوله : ويأتي ) أي : بأن يضم لها شيئا آخر كما يأتي في قوله : ولو كاتبه على خدمة شهر مثلا من الآن ودينار إلخ بجيرمي أقول : الأولى تفسير كل مما تقرر وما يأتي بمجموع الأمرين اتصال المنفعة بالعقد وضم شيء آخر إليها . ( قوله : ولو إلى ساعتين إلخ ) كالسلم إلى معسر في مال كثير إلى أجل قصير ويؤخذ من ذلك أنه لو أسلم إلى المكاتب عقب عقد الكتابة صح وهو أحد وجهين وجهه الرافعي بقدرته برأس المال قال الإسنوي : ومحل الخلاف في السلم الحال أما المؤجل فيصح فيه جزما كما صرح به الإمام مغني وروض مع شرحه وكذا في النهاية إلا قوله : قال الإسنوي إلخ وعبارته ففيه وجهان : أصحهما الصحة ( قوله : لأنه المأثور إلخ ) أي : من الصحابة رضي الله تعالى عنهم فمن بعدهم ولو جازت على أقل من نجمين لفعلوه ؛ لأنهم كانوا يبادرون إلى القربات والطاعات ما أمكن وقيل : يكفي نجم واحد وقال في شرح مسلم : إنه قول جمهور أهل العلم انتهى . وبه قال أبو حنيفة ومالك ومال إليه ابن عبد السلام مغني .

                                                                                                                              ( قوله : نظير ما تقرر ) أي في شرح مؤجلا وهذا تأكيد لقوله : أيضا . ( قوله : ولما مر ) أي في أول الباب . ا هـ . ( قوله : من ضم النجوم إلخ ) أي : من الكتب الذي هو ضم النجوم إلخ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية