الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا تسمع دعوى دين مؤجل في الأصح ) إذ لا يتعلق بها إلزام ومطالبة في الحال نعم إن كان بعضه حالا ادعى بكله ليطالبه ببعضه وإن قل ويكون المؤجل تبعا قاله الماوردي واستشكل بما لا يجدي وبحث البلقيني صحة الدعوى بقتل خطأ أو شبه عمد على القاتل وإن استلزمت الدية مؤجلة ؛ لأن القصد ثبوت القتل ومن ثم صحت دعوى عقد بمؤجل قصد بها إثبات أصل العقد قاله الماوردي وهو متجه ؛ لأن المقصود منها مستحق في الحال . ونقل بعضهم عن ابن أبي الدم أنه نازعه وبعضهم أنه استحسنه ولعل كلامه اختلف . ولو ادعى دينا على معسر وقصد إثباته ليطالبه به إذا أيسر فظاهر كلامهم أنها لا تسمع مطلقا [ ص: 303 ] واعتمده الغزي وقضية ما تقرر عن الماوردي سماعها ؛ لأن القصد إثباته ظاهرا مع كونه مستحقا قبضه حالا بتقدير يساره القريب عادة ويجري ذلك فيمن له دين على عبد يتبع به بعد العتق هل تسمع الدعوى عليه به أو لا ثم رأيت البلقيني قال : والأقرب تشبيه هذه الدعوى بالدين على من تحقق إعساره وقال قبل ذلك الذي يظهر أنه يعطى حكم الحال أخذا من تصحيحهم الحوالة عليه به المستلزمة أن ما عليه من الدين له حكم الحال لا المؤجل للجهل بوقت استحقاقه ومر أن من شروط الدعوى أن لا ينافيها دعوى أخرى ومنه أن لا يكذب أصله فلو ثبت إقرار رجل بأنه عباسي فادعى ولده أنه حسني لم تسمع دعواه ولا بينته كما أفتى به ابن الصلاح .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              . ( قوله : قاله الماوردي ) كتب عليه م ر وقوله : وبحث [ ص: 303 ] البلقيني كتب عليه م ر . ( قوله : واعتمده الغزي ) أفتى به شيخنا الشهاب الرملي ش م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله واستشكل بما لا يجدي ) عبارة المغني : فإن قيل : الدعوى بذلك مشكل بأن الحال إذا كان قليلا كدرهم من ألف مؤجلة يبعد الاستتباع فيه ، وبأنه إذا أطلق الدعوى لم يفد وإن قال : يلزمه تسليم الألف إلي لم تصح الدعوى وكان كاذبا ، وإن فصل وبين كان ذلك في حكم دعوتين . فأين محل الاستتباع ؟ أجيب : بأن محل الاستتباع عند الإطلاق ولا يضر كون الكثير تابعا للقليل للحاجة إلى ذلك ا هـ . وقوله لم تصح الدعوى فيه تأمل ، وقوله بأن محل الاستتباع عند الإطلاق منع لقول السائل إذا أطلق الدعوى لم يفد ، وقوله ولا يضر إلخ منع لما قبله .

                                                                                                                              ( قوله وبحث البلقيني إلخ ) فيه أن هذا الحكم ، وهو صحة الدعوى بقتل خطأ أو شبه عمد مذكور في كلامهم حتى في المتون ، فلا وجه لإسناده لبحث البلقيني وإنما الذي نسب للبلقيني التنبيه على أن هذا الذي ذكروه مستثنى من عدم سماع الدعوى بالمؤجل رشيدي أقول : وأيضا ينافي ذلك الإسناد قوله الآتي قاله الماوردي ( قوله على القاتل ) فلو ادعى ذلك على العاقلة لم يجز جزما ؛ لأنه لم يتحقق لزومه لمن ادعى عليه لجواز موته في أثناء الحول وإعساره آخره مغني . ( قوله وهو متجه إلخ ) .

                                                                                                                              ( تتمة ) تسمع الدعوى باستيلاد وتدبير وتعليق عتق بصفة ، ولو قبل العرض على البيع ؛ لأنها حقوق ناجزة مغني وروض مع شرحه . ( قوله لأن المقصود منه ) أي من دعوى القتل المذكورة ( قوله نازعه ) أي الماوردي ( قوله فظاهر كلامهم أنها لا تسمع مطلقا ) من هذا يؤخذ جواب حادثة وقع السؤال عنها ، وهي أن شخصا تقرر في نظارة على وقف من أوقاف المسلمين ، فوجده خرابا ثم إنه عمره على الوجه اللائق به ، ثم سأل القاضي بعد العمارة في نزول كشف على المحل وتحديد العمارة وكتابة حجة بذلك ، فأجابه لذلك وعين معه كشافا وشهودا ومهندسين ، فقطعوا قيمة العمارة المذكورة اثني عشر ألف نصف ، وأخبروا القاضي بذلك فكتب له بذلك حجة ليقطع على المستحقين معاليمهم ، ويمنع من يريد أخذ الوقف إلى أن يستوفي المقدار المذكور من غلة الوقف ، وهو أنه لا يعمل بالحجة المذكورة ، وأن القاضي لا يجيبه لذلك ؛ لأنه لم يطالب بشيء إذ ذاك ، ولا وقعت عليه دعوى ، والكتابة إنما تكون لدفع ما طلب منه وادعى به عليه ، وليس ذلك موجودا هناك ، وطريقه في إثبات العمارة المذكورة أن يقيم بينة تشهد له بما صرفه يوما فيوما مثلا ، ويكون ذلك جوابا بالدعوى ملزمة ثم إن لم يكن له بينة يصدق فيما صرفه بيمينه ، حيث ادعى قدرا لائقا وساغ له صرفا بأن كان فيه مصلحة ، وأذن له القاضي [ ص: 303 ] فيما يتوقف على إذن كالقرض على الوقف من مال غيره أو من ماله ، أو كان في شرط الواقف أن للناظر اقتراض ما يحتاج إليه الحال من العمارة من غير استئذان ا هـ . ع ش .

                                                                                                                              ( قوله واعتمده الغزي ) وهو المعتمد وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى شرح م ر ا هـ . سم . ( قوله وقضية ما تقرر عن الماوردي إلخ ) عبارة النهاية : وإن اقتضى ما قررناه عن الماوردي إلخ . ( قوله لأن القصد إلخ ) هو تعليل لما اقتضاه كلام الماوردي وكان الأولى أن يقول : ووجهه أن القصد إلخ رشيدي ( قوله ويجري ذلك ) أي : ما مر في دعوى الدين على المعسر . ( قوله أنه يعطى ) أي الدين على من تحقق إعساره . ( قوله ومنه ) أي غير المنافي وقوله : أن لا يكذب إلخ كان الأولى حذف لفظة لا وإرجاع ضمير ومنه إلى المنافي




                                                                                                                              الخدمات العلمية