( اجتناب ) كل كبيرة من أنواع ( الكبائر ) ؛ لأن مرتكب الكبيرة فاسق وهي وما في معناها كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة وهذا لشموله أيضا لصغائر الخسة وللإصرار على صغيرة الآتي أشمل من حدها بما يوجب الحد ؛ لأن أكثرها لا حد فيه أو بما فيه وعيد شديد بنص الكتاب أو السنة ؛ لأن كثيرا مما عدوه كبائر ليس فيه ذلك كالظهار وأكل لحم الخنزير وكثيرا مما عدوه صغائر فيه ذلك كالغيبة كما بينت ذلك كله مع تعدادها على وجه مبسوط بحيث زادت على الأربعمائة ومع أدلة كل [ ص: 214 ] وما قيل فيه وبحث حمل ما نقل من الإجماع على أن الغيبة كبيرة وما ورد فيها من الوعيد الشديد على غير الفاسق بخلافه فإن ذكره بما لم يعلن به صغيرة وفي كتابي الزواجر عن اقتراف الكبائر ( و ) اجتناب ( الإصرار على صغيرة ) أو صغائر من نوع واحد أو أنواع بأن لا تغلب طاعاته صغائره فمتى ارتكب كبيرة بطلت عدالته مطلقا أو صغيرة أو صغائر داوم عليها أو لا خلافا لمن فرق ، فإن غلبت طاعاته صغائره فهو عدل ومتى استويا أو غلبت صغائره فهو فاسق ويظهر ضبط الغلبة بالنسبة لتعداد [ ص: 215 ] صور هذه وصور هذه من غير نظر إلى تعدد ثواب الحسنة ؛ لأن ذلك أمر أخروي لا تعلق له بما نحن فيه ، ثم رأيت بعضهم ضبط ذلك بالعرف ونص المختصر ضبطه بالأظهر من حال الشخص وهما صريحان فيما ذكرته ويجري ذلك في المروءة والمخل بها بناء على اعتبار الغلبة ، ثم كما هنا فإن غلبت أفرادها لم تؤثر وإلا ردت شهادته وصرح بعضهم بأن كل صغيرة تاب عنها لا تدخل في العد وهو حسن ؛ لأن التوبة الصحيحة تذهب أثرها بالكلية قيل عطف الإصرار من عطف الخاص على العام لما تقرر أنه ليس المراد مطلقه بل مع غلبة الصغائر ، أو مساواتها للطاعات وهذا حينئذ كبيرة . ا هـ . وشرط العدالة
وفيه نظر ؛ لأن الإصرار لا يصير الصغيرة كبيرة حقيقة وإنما يلحقها بها في الحكم فالعطف صحيح من غير احتياج إلى تأويل ولا ينافي هذا قول كثيرين رضي الله عنهما ونسب للمحققين كابن عباس كالأشعري وابن فورك والأستاذ أبي إسحاق ليس في الذنوب صغيرة قال العمراني ؛ لأنهم إنما كرهوا تسمية معصية الله صغيرة إجلالا له مع اتفاقهم على أن بعض الذنوب يقدح في العدالة ، وبعضها لا يقدح فيها وإنما الخلاف في التسمية والإطلاق ( تنبيه ) .
ينبغي أن يكون من الكبائر ترك تعلم ما يتوقف عليه صحة ما هو فرض عين عليه لكن من المسائل الظاهرة لا الخفية نعم مر أنه لو اعتقد أن كل أفعال نحو الصلاة أو الوضوء فرض أو بعضها فرض ولم يقصد بفرض معين النفلية صح وحينئذ فهل ترك تعلم ما ذكر كبيرة أيضا أو لا ؟ للنظر فيه مجال والوجه أنه غير كبيرة لصحة عباداته مع تركه ، وأما إفتاء شيخنا بأن من لم يعرف بعض أركان أو شروط نحو الوضوء أو الصلاة لا تقبل شهادته فيتعين حمله على غير هذين القسمين لئلا يلزم على ذلك تفسيق العوام وعدم قبول شهادة أحد منهم وهو خلاف الإجماع الفعلي بل صرح أئمتنا بقبول الشهادة العامة كما يعلم مما يأتي قبيل شهادة الحسبة على أن كثيرين من المتفقهة يجهلون كثيرا من شروط نحو الوضوء