( ) أوصاف تضمنها قوله ( مسلم حر مكلف عدل ذو مروءة غير متهم ) ناطق رشيد متيقظ فلا تقبل شهادة أضداد هؤلاء ككافر ولو على مثله ؛ لأنه أخس الفساق وخبر { شرط الشاهد } ضعيف وقوله تعالى { لا تقبل [ ص: 212 ] شهادة أهل دين على غير دينهم إلا المسلمون فإنهم عدول على أنفسهم وعلى غيرهم أو آخران من غيركم } أي : من غير عشيرتكم أو منسوخ بقوله { وأشهدوا ذوي عدل منكم } ولا من فيه رق لنقصه ومن ثم لم يتأهل لولاية مطلقا ولا صبي ومجنون إجماعا ولا فاسق لهذه الآية وقوله { ممن ترضون } وهو ليس بعدل ولا مرضي واختار جمع منهم الأذرعي والغزي وآخرون قول بعض المالكية أنه إذا فقدت العدالة وعم الفسق قضى الحاكم بشهادة الأمثل فالأمثل للضرورة ورده ابن عبد السلام بأن مصلحته يعارضها مفسدة المشهود عليه رواية اختارها بعض أئمة مذهبه أنه يكفي ظاهر الإسلام ما لم يعلم فسقه ولا غير ذي مروءة ؛ لأنه لا حياء له ومن لا حياء له يقول ما شاء للخبر الصحيح { ولأحمد } ويأتي تفسير المروءة ولا متهم لقوله تعالى { إذا لم تستح فاصنع ما شئت وأدنى أن لا ترتابوا } والريبة حاصلة بالمتهم ولا أخرس وإن فهم إشارته كل أحد ؛ لأنها لا تخلو عن احتمال ، ولا محجور عليه بسفه لنقصه واعترض ذكره بأنه إما ناقص عقل أو فاسق فما مر يغني عنه ويرد بأن نقص عقله لا يؤدي إلى تسميته مجنونا ولا مغفل ولا أصم في مسموع ولا أعمى في مبصر كما يأتي ومن التيقظ ضبط ألفاظ المشهود عليه بحروفها من غير زيادة فيها ولا نقص ومن ثم يظهر أنه لا تجوز ولا تقاس بالرواية لضيقها ؛ ولأن المدار هنا على عقيدة الحاكم لا الشاهد فقد يحذف أو يغير ما لا يؤثر عند نفسه ويؤثر عند الحاكم نعم لا يبعد جواز التعبير بأحد الرديفين عن الآخر حيث لا إيهام كما يشير لذلك قولهم لو قال شاهد وكله ، أو قال قال وكلته وقال الآخر : فوض إليه ، أو أنابه قبل ، أو قال واحد قال وكلت وقال الآخر : قال فوضت إليه لم يقبلا ؛ لأن كلا أسند إليه لفظا مغايرا للآخر ، وكان الغرض أنهما اتفقا على اتحاد اللفظ الصادر منه وإلا فلا مانع أن كلا سمع ما ذكره في مرة ويجري ذلك في قول أحدهما قال القاضي ثبت عندي طلاق فلانة ، والآخر قال ثبت عندي طلاق هذه فلا يكفي بخلاف قول واحد ثبت عنده طلاق فلانة وآخر ثبت عنده طلاق هذه وهي تلك فإنه يكفي اتفاقا ، ثم رأيت الشهادة بالمعنى شيخنا كالغزي قال في ولو شهد واحد بإقراره بأنه وكله في كذا وآخر بإقراره بأنه أذن له في التصرف فيه أو سلطه عليه أو فوضه إليه انتفت الشهادة ؛ لأن النقل بالمعنى كالنقل [ ص: 213 ] باللفظ بخلاف ما لو شهدا كذلك في العقد أو شهد واحد بأنه قال وكلتك في كذا وآخر بأنه قال سلطتك عليه أو فوضته إليك أو شهد واحد باستيفاء الدين ، والآخر بالإبراء منه فلا يلفقان . ا هـ . تلفيق الشهادة
فقوله النقل بالمعنى كالنقل باللفظ يتعين حمله على ما ذكرته من أنه يجوز التعبير عن المسموع بمرادفه المساوي له من كل وجه لا غير ، ويؤيد قولي وكأن الغرض إلى آخره قولهم لو شهد له واحد ببيع ، وآخر بالإقرار به لم يلفقا فلو رجع أحدهما وشهد بما شهد به الآخر قبل ؛ لأنه يجوز أن يحضر الأمرين فتعليلهم هذا صريح فيما ذكرته فتأمله ويؤخذ مما يأتي في المتنقبة أن محل قبوله هنا إن كان مشهورا بكونه من أهل الديانة والمعرفة ولو ثبت الألف وله الحلف مع الشاهد بالألف الزائدة وبهذا يظهر اعتماد قول شهد له واحد بألف وآخر بألفين العبادي لو لفقتا فيه وأن استغراب شهد واحد بأنه وكله ببيع هذا ، وآخر بأنه وكله ببيع هذا وهذه الهروي له غير واضح ولو أخبر عدل الشاهد بمضاد شهادته ففي حل تركها إن ظن صدقه وجهان رجح بعضهم المنع وبعضهم الجواز والذي يتجه أنه لا يكتفى بالظن ؛ لأن الشهادة اختصت بمزيد احتياط بل لا بد من الاعتقاد فإن اعتقد صدقه جاز وإلا فلا وعليه يحمل جزم بعضهم بأنه لو أخبر الحاكم برجوع الشاهد فإن ظن صدق المخبر أي : اعتقده توقف عن الحكم وإلا فلا ومن شهد بإقرار مع علمه باطنا بما يخالفه لزمه أن يخبر به