( فصل في ) غيبة المحكوم به عن مجلس القاضي
سواء أكان بمحل ولايته أم لا ، ولهذا أدخله في الترجمة لمناسبته لها ، ولا فرق فيما يأتي بين حضور المدعى عليه ، وغيبته ( ) ، ولو في غير محل ولايته على ما مر ( يؤمن اشتباهها كعقار ، وعبد ، وفرس معروفات ) ، ولو للقاضي ، وحده إن حكم بعلمه ، أو بالشهرة ، أو بتحديد الأول ( سمع ) القاضي ( بينته ) التي ليست ذاهبة لبلد العين كما مر ( وحكم بها ) على حاضر ، وغائب ( وكتب إلى قاضي بلد المال ليسلمه للمدعي ) كما يسمع البينة ، ويحكم على الغائب فيما مر قال جمع : صوابه معروفين ؛ لأن القاعدة عند اجتماع العاقل مع غيره تغليب العاقل . ا هـ . وتعبيرهم بالصواب غير صواب ، بل ذلك قد يحسن كما أنه قد يحسن تغليب غير العاقل لكثرته كما في { ادعى عينا غائبة عن البلد سبح لله ما في السموات ، وما في الأرض } ، وزعم البلقيني أن الصواب قول أصله وغيره معروفين نعتا لغير العقار اكتفاء فيه بقوله : ( ويعتمد في ) معرفة ( العقار ، وحدوده ) ، ويرد بأن المعرفة فيه لا تتقيد بحدوده ، بل قد يعرف بالشهرة التامة فلا يحتاج لذكر حد ، ولا غيره ، وهذا استفيد من كلامه الأول ، وقد لا فيحتاج لذكر حدوده الأربعة ، ولا يجوز الاقتصار على أقل منها ، وقول الروضة ، وأصلها ككثيرين يكفي ثلاثة محله إن تميز بها ، بل قال ابن الرفعة إن تميز بحد كفى [ ص: 180 ] ويشترط أيضا ذكر بلده ، وسكنه ، ومحله منها لا قيمته لحصول التمييز بدونها ( أو لا يؤمن ) اشتباهها كغير المعروف من نحو العبيد ، والدواب ( فالأظهر سماع ) الدعوى بها اعتمادا على الأوصاف أيضا لإقامة ( البينة ) عليها ؛ لأن الصفة تميزها ، والحاجة داعية إلى إقامة الحجة عليها كالعقار ( ويبالغ ) وجوبا ( المدعي في الوصف ) للمثلي بما يمكن الاستقصاء به ليحصل التمييز به الحاصل غالبا بذلك ، واشترطت المبالغة هنا دون السلم ؛ لأنها ثم تؤدي لعزة الوجود المنافية للعقد ( ويذكر القيمة ) في المتقوم وجوبا أيضا إذ لا يصير معلوما إلا بها أما ذكر قيمة المثلي ، والمبالغة في وصف المتقوم فمندوبان كما جريا عليه هنا ، وقولهما في الدعاوى يجب وصف العين بصفة السلم دون قيمتها مثلية كانت ، أو متقومة محمول على عين حاضرة بالبلد يمكن إحضارها مجلس الحكم .
وقد أشاروا لذلك بتعبيرهم هنا بالمبالغة في الوصف ، وثم بوصف السلم فمن عبر في البابين بصفات السلم فقد ، وهم ( و ) الأظهر ( أنه لا يحكم بها ) أي : بما قامت البينة عليه ؛ لأن الحكم مع خطر الاشتباه ، والجهالة بعيد ، والحاجة تندفع بسماع البينة بها اعتمادا على صفاتها ، والكتابة بها كما قال : ( بل يكتب إلى قاضي بلد المال بما شهدت به ) البينة فإن أظهر الخصم هناك عينا أخرى مشاركة لها بيده ، أو يد غيره أشكل الحال نظير ما مر في المحكوم عليه ، وإن لم يأت بدافع عمل القاضي المكتوب إليه بالصفة التي تضمنها الكتاب ، وحينئذ ( فيأخذه ) ممن هو عنده ( ويبعثه إلى ) القاضي ( الكاتب ليشهدوا على عينه ) ليحصل اليقين ( و ) لكن ( الأظهر أنه ) لا ( يسلمه للمدعي ) إلا ( بكفيل ) [ ص: 181 ] ويظهر وجوب كونه ثقة مليا قادرا ليطيق السفر لإحضاره ، وليصدق في طلبه ( ببدنه ) احتياطا للمدعى عليه حتى إذا لم يعينه الشهود طولب برده نعم الأمة التي تحرم خلوته بها لا ترسل معه ، بل مع أمين معه في الرفقة ، وظاهره أنه لا يحتاج هنا إلى نحو محرم ، أو امرأة ثقة تمنع الخلوة ، ولو قيل : به لم يبعد إلا أن يجاب بأن اعتبار ذلك يشق فسومح فيه مسارعة لفصل الخصومة ، وفيه ما فيه ، ويسن أن يختم على العين ، وأن يعلق قلادة بعنق الحيوان بختم لازم لئلا يبدل بغيره ( فإن ) ذهب به إلى القاضي الكاتب و ( شهدوا ) عنده ( بعينه كتب ببراءة الكفيل ) بعد تتميم الحكم ، وتسليم العين للمدعي ، ولم يحتج لإرسال ثان ( ، وإلا ) يشهدوا بعينه ( فعلى المدعي مؤنة الرد ) كالذهاب لظهور تعديه ، وعليه مع ذلك أجرة تلك المدة إن كانت له منفعة ؛ لأنه عطلها على صاحبها بغير حق