[ ص: 2 ] ( كتاب الأيمان )
بالفتح جمع يمين ؛ لأنهم كانوا يضعون أيمانهم بعضها ببعض عند الحلف ، وأصل اليمين القوة فلتقوية الحلف الحث على الوجود أو العدم سمي يمينا ، ويرادفه الإيلاء والقسم . وهي شرعا بالنظر لوجوب تكفيرها تحقيق أمر محتمل [ ص: 3 ] بما يأتي وتسمية الحلف بنحو الطلاق يمينا شرعية التي اقتضاها كلام الرافعي غير بعيد ، وإن نوزع فيه ويؤيد تصريحهم بمرادفة الإيلاء لليمين مع تصريحهم بأن ، نعم مر قولهم الطلاق لا يحلف به أي : لا يطلب ، وإن كان فيه التحقيق المذكور ؛ فلذا سمي يمينا بهذا الاعتبار ، وحينئذ فذكر النظر لوجود التكفير إنما هو لبيان اليمين الحقيقية لا لمنع إلحاق ما لا تكفير فيه بها في التحقيق المذكور الإيلاء لا يختص بالحلف بالله
فخرج بالتحقيق لغو اليمين الآتي ، وبالمحتمل نحو : لأموتن أو لأصعدن السماء لعدم تصور الحنث فيه بذاته فلا إخلال فيه بتعظيم اسمه تعالى ، بخلاف لأمت ولأصعدن السماء ولأقتلن الميت فإنه يمين يجب تكفيرها حالا ما لم يقيد بوقت كغد ، فيكفر غدا وذلك لهتكه حرمة الاسم ، ولا تزد هذه على التعريف لفهمها منه بالأولى إذ المحتمل له فيه شائبة عذر باحتمال الوقوع وعدمه ، بخلاف هذا فإنه عند الحلف هاتك لحرمة الاسم لعلمه باستحالة البر فيه
وأبدل محتمل بغير ثابت ليدخل فيه الممكن والممتنع وأجمعوا على انعقادها ووجوب فيها الكفارة بالحنث يعلم مما مر في الطلاق وغيره ، بل ومما يأتي من التفصيل بين القصد وعدمه ، وهو مكلف أو سكران مختار قاصد فخرج صبي ومجنون ومكره ولاغ . ، وشرط الحالف
[ ص: 4 ] أي : اسم دال عليها ، وإن دل على صفة معها وهي في اصطلاح المتكلمين الحقيقة والإنكار عليهم بأنها لا تعرف إلا بمعنى صاحبة مردود بتصريح ( لا تنعقد ) اليمين ( إلا بذات الله تعالى ) وغيره بالأول بل صرح بذلك الزجاج خبيب رضي الله عنه عند قتله بقوله وذلك في ذات الإله ( أو صفة له ) وستأتي فالأول بقسميه ( كقوله : والله ورب العالمين ) أي : مالك المخلوقات ؛ لأن كل مخلوق علامة على وجود خالقه ، ( والحي الذي لا يموت ومن نفسي بيده ) أي : قدرته يصرفها كيف شاء ومن فلق الحبة ( وكل اسم مختص به ) الله ( سبحانه وتعالى ) غير ما ذكر ولو مشتقا ومن غير أسمائه الحسنى كالإله ومالك يوم الدين والذي أعبده أو أسجد له ومقلب القلوب فلا تنعقد بمخلوق : كنبي وملك للنهي الصحيح عن ، وللأمر بالحلف بالله . وروى الحلف بالآباء خبر { الحاكم فقد كفر : من حلف بغير الله } ، وفي رواية : { } وحملوه على ما إذا قصد تعظيمه كتعظيم الله تعالى ، فإن لم يقصد ذلك أثم عند أكثر أصحابنا أي : تبعا لنص فقد أشرك الصريح فيه ، كذا قاله الشافعي شارح .
والذي في شرح عن أكثر الأصحاب الكراهة وهو المعتمد وإن كان الدليل ظاهرا في الإثم ، قال بعضهم : وهو الذي ينبغي العمل به في غالب الأعصار لقصد غالبهم به إعظام المخلوق ومضاهاته لله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . وقال مسلم : يكره بماله حرمة شرعا كالنبي ويحرم بما لا حرمة له كالطلاق ، وذكر ابن الصلاح الماوردي أن ، بل يعزله الإمام إن فعله ، وفي خبر ضعيف { للمحتسب التحليف بالطلاق دون القاضي ما حلف بالطلاق مؤمن ولا استحلف به إلا منافق } ، وإدخاله الباء على المقصور بناء على ما تقرر في محله الذي سلكه شارح لا ينافيه إدخاله لها في الروضة على المقصور عليه في قوله : يختص بالله لما مر أنها تدخل على المقصور والمقصور عليه وبه يندفع تصويب من حصر دخولها على المقصور فقط للمتن ؛ لأن معناه لا يسمى به غير الله وهو المراد ، وإفساد ما في الروضة بأن معناه يسمى الله به ولا يسمى بغيره وليس مرادا ومر أول القسم والنشوز ما يوضح ما ذكرته . [ ص: 5 ] وأورد على المتن وهي أن يحلف على ماض كاذبا عامدا فإنها يمين بالله ولا تنعقد ؛ لأن الحنث اقترن بها ظاهرا وكذا باطنا على الأصح ، ويرد بأنه اشتباه نشأ من توهم أن المحصور الأخير والمحصور فيه الأول وليس كذلك ، بل المقرر أن المحصور فيه هو الجزء الأخير فانعقادها هو المحصور واسم الذات أو الصفة هو المحصور فيه ، فمعناه اليمين الغموس . وهذا حصر صحيح لا أن كل ما هو باسم الله أو صفته يكون منعقدا فتأمله ، على أن جمعا متقدمين قالوا بانعقادها كل يمين منعقدة لا تكون إلا باسم ذات أو صفة