ص ( والأفضل لفذ تقديمها مطلقا ) .
ش لما فرغ - رحمه الله تعالى - من بيان الوقت المختار وتقدم أنه ينقسم إلى وقت فضيلة ووقت توسعة شرع يبين وقت الفضيلة منه ويعلم بذلك أن بقيته وقت توسعة فذكر أن الأفضل للفذ وهو المنفرد لقوله تعالى : { تقديم الصلاة مطلقا في أول وقتها حافظوا على الصلوات } ومن المحافظة عليها الإتيان بها أول وقتها ولقوله صلى الله عليه وسلم : { } رواه أفضل الأعمال الصلاة لأول وقتها الترمذي وقال ليس بالقوي ورواه ولقوله صلى الله عليه وسلم : { الحاكم } رواه الصلاة أول الوقت رضوان الله وآخر الوقت عفو الله الترمذي وقال والدارقطني النووي في خلاصة الأحكام إن هذين الحديثين ضعيفان وذكر في الأحاديث الصحيحة الدالة على فضيلة أول الوقت حديث في الصحيحين قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم : { ابن مسعود } الحديث ذكره أي العمل أحب إلى الله قال الصلاة على وقتها في كتاب الصلاة وفي مواضع أخر وذكره البخاري في كتاب الإيمان . مسلم
( تنبيه ) قوله الصلاة على وقتها كذا وقع في بعض روايات الصحيحين وفي بعضها لوقتها وإيراد النووي له في باب فضيلة أول الوقت يدل على أنه فهم منه الدلالة على ذلك ، وهكذا قال فيه ابن بطال أن فيه البدار إلى الصلاة في أول وقتها أفضل من التراخي ; لأنه إنما شرط فيها أن تكون أحب الأعمال إذا أقيمت لوقتها المستحب قال ابن حجر : في أخذ ذلك من اللفظ المذكور نظر ، قال ابن دقيق العيد ليس في هذا اللفظ ما يقتضي أولا ولا آخرا انتهى . وقال النووي في شرح في هذا الحديث الحث على المحافظة على الصلاة في وقتها ويمكن أن يؤخذ منه استحبابها في أول الوقت لكونه احتياطا لها ومبادرة إلى تحصيلها انتهى . مسلم
( فائدة ) زاد إبراهيم بن عبد الملك في الحديث الثاني : " وفي وسطه رحمة الله " قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي وقال التيمي في الترغيب والترهيب ذكر وسط الوقت لا أعرفه إلا في هذه الرواية قال ويروى عن رضي الله تعالى عنه أنه قال لما سمع هذا الحديث رضوان الله أحب إلينا من عفوه انتهى . أبي بكر الصديق
( قلت : ) ما ذكره عن رضي الله تعالى عنه ذكره القاضي الصديق عبد الوهاب في شرح الرسالة وجزم به وقال وقوله : " وآخره عفو الله " يريد به التوسعة لا على معنى العفو عن الذنب لإجماعنا على أن مؤخرها إلى آخر الوقت لا يلحقه إثم ولا ينسب إلى التقصير في واجب انتهى .
وقال الدميري قال رضوان الله إنما يكون للمحسنين والعفو يشبه أن يكون [ ص: 403 ] للمقصرين . الشافعي
( فائدة ) قال : الإسفار بالصبح أفضل لحديث أبو حنيفة : { رافع بن خديج } رواه أصحاب السنن ورواه أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر الطبراني بلفظ : { وابن حبان } قال فكلما أسفرتم بالصبح فإنه أعظم للأجر القاضي عبد الوهاب والجواب أن الإسفار إسفاران والمراد الأول منهما انتهى وفي التنبيهات نحوه ، والمعنى صلوها حين يتضح طلوع الفجر ولا يشك فيه ، قال المازري في شرح التلقين وقد يعترض هذا بأن الشك في الفجر لا تصح الصلاة معه فلا أجر فيها حتى يقال : إن غيرها أعظم منها أجرا والجواب عن هذا أنا لم نرد حالة التباسه على جميع الناس ، وإنما أردنا أن وضوح الفجر يتفاوت فأمر المصلي بإيقاع الصلاة في الوضوح التام والبيان الجلي الذي لا يتصور فيه وقوع التباس ، ولا يشك فيه ، والله أعلم . وليس هذا خاصا بالصبح قال في رسم شك من سماع ابن القاسم سئل عن مالك قال أحب إلي أن يؤخر ذلك قليلا قال المسافر إذا زالت الشمس أترى أن يصلي الظهر ؟ ابن رشد استحب أن تؤخر قليلا لوجهين : أحدهما أن المبادرة بالصلاة في أول الوقت من فعل مالك الخوارج الذين يعتقدون أن تأخير الصلاة عن أول وقتها لا يجوز . الثاني أن يستيقن دخول الوقت ويتمكن ; لأن الزوال خفي لا يتبين إلا بظهور زيادة الظل انتهى . وقول المصنف مطلقا يعني ظهرا كانت ، أو غيرها إذ لم يعرض في الفذ عارض ينقله إلى استحباب التأخير كما في الجماعة ، وهذا هو المشهور ، قال : وقيل : المنفرد كالجماعة قال في التوضيح هو قول ابن الحاجب عبد الوهاب .
( قلت : ) هكذا حكى عن الباجي القاضي والذي له في التلقين والمعونة استحباب ذلك للجماعة قال في التلقين ويستحب تأخيرها في مساجد الجماعات إلى أن يكون الفيء ذراعا قال المازري في شرحه واختلف أصحابنا في الفذ فذهب بعضهم إلى أن المستحب له التعجيل أول الوقت للحديث السابق وذهب بعضهم إلى أن المستحب له التأخير إلى الذراع لعموم قول رضي الله عنه صلى الظهر والفيء ذراع انتهى . ، ولم يعز عمر المصنف هذا القول في شرح هذا المحل إلا للقاضي فقط مع أنه ذكر في شرح القولة التي بعدها عن أنه حكى عن ابن عبد البر ابن القاسم عن أن الفذ والجماعة سواء في استحباب التأخير وعزا مقابله مالك لابن عبد الحكم وغيره من أصحابنا قال وإليه مال الفقهاء المالكية من البغداديين ، ولم يتلفتوا إلى رواية ابن القاسم لكن قال في التوضيح في آخر كلامه قال صاحب البيان إنما ذكره ، حمله على المدونة وليس حمله بصحيح وخصص صاحب البيان الخلاف الذي في إبراد المنفرد بالصيف قال : ولا يبرد المنفرد في الشتاء اتفاقا انتهى . واقتصر ابن عبد البر ابن عرفة على عزو هذا القول للباجي عن ابن القاسم عن ولابن عبد البر ابن القاسم ، والله أعلم .
( تنبيهات الأول ) قال في التوضيح ألحق اللخمي بالمنفرد الجماعة التي لا تنتظر غيرها أي : كأهل الزوايا انتهى . وقال ابن عرفة إلحاق اللخمي الجماعة الخاصة كالفذ أول الوقت انتهى .
( قلت : ) ظاهر كلامهم أنه اختاره من عنده وكلامه في التبصرة يقتضي أنه المذهب فإنه قال : وأما الفذ فيستحب له أول الوقت ، وكذلك الجماعة إذا اجتمعت أول الوقت ولم يكونوا ينتظرون غيرهم فإنهم يصلون حينئذ ، ولا يؤخرون انتهى .
قال في الشامل والأفضل لفذ تقديم الصلاة مطلقا ، وقيل : كالجماعة وألحق به أهل الربط والزوايا ونحوهم ممن لا ينتظرون غيرهم انتهى . وجعل البساطي في المغني كلام اللخمي خلافا وليس بظاهر ونصه واختلف هل الجماعة التي لا تطلب غيرها كأهل الربط والمدائن كغيرها وهو ظاهر كلام المتقدمين ، أو هي كالمنفرد وهو اختيار اللخمي على قولين انتهى .
( قلت : ) تعليل كلام المتقدمين بإدراك الناس الصلاة يدل على أن ما قاله اللخمي هو المذهب والله أعلم .
( الثاني ) قد يكون التأخير [ ص: 404 ] أفضل ، أو واجبا كمن عدم الماء ورجا وجوده في آخر الوقت كما تقدم في باب التيمم وكالحائض إذا طهرت من الحيض وتأخر مجيء القصة وعندي أن من كان في ثوبه ، أو بدنه نجاسة ورجا وجود الماء في الوقت ممن يجب عليه التأخير وكذا من كان به عذر منعه القيام ورجا إزالته في الوقت فتأمله ، والله أعلم .