والكلام في الحجر بسبب الدين في موضعين : أحدهما أن عند من ركبته الديون إذا خيف أن يلجئ ماله بطريق الإقرار ، فطلب الغرماء من القاضي أن يحجر عليه رحمه الله : لا يحجر عليه القاضي ، وعندهما يحجر عليه ، وبعد الحجر لا ينفذ تصرفه في المال الذي كان في يده عند الحجر ، وتنفذ تصرفاته فيما يكتسب من المال بعده ، وفي هذا الحجر نظر للمسلمين ، فإذا جاز عندهما الحجر عليه بطريق النظر ، فكذلك يحجر لأجل النظر للمسلمين وعند أبي حنيفة لا يحجر على المديون نظرا له ، فكذلك لا يحجر عليه نظرا للغرماء ، ولما في الحيلولة بينه ، وبين التصرف في ماله من الضرر عليه ، وإنما يجوز النظر لغرمائه بطريق لا يكون فيه إلحاق الضرر به إلا بقدر ما ، ورد الشرع به وهو الحبس في الدين لأجل ظلمه الذي تحقق بالامتناع من قضاء الدين مع تمكنه منه ، وخوف التلجئة ظلم موهوم منه ، فلا يجعل كالمتحقق ، ثم الضرر عليه في إهدار قوله فوق الضرر في حبسه ولا يستدل بثبوت الأدنى على ثبوت الأعلى كما في منع المال من السفيه مع الحجر عليه . أبي حنيفة
ثم [ ص: 164 ] هذا الحجر عندهما لا يثبت إلا بقضاء القاضي رحمه الله يفرق بين هذا ، وبين الأول ، فيقول : هنا الحجر لأجل النظر للغرماء فيتوقف على طلبهم ، وذلك لا يتم إلا بقضاء القاضي له ، والحجر على السفيه لأجل النظر له وهو غير موقوف على طلب أحد ، فيثبت حكمه بدون القضاء . ومحمد