. باب المستحاضة
( قال ) وإذا أو لم تفتتحها سقطت تلك الصلاة عنها أما إذا حاضت بعد دخول الوقت فليس عليها قضاء تلك الصلاة إذا طهرت عندنا وقال أدركها الحيض في شيء من الوقت وقد افتتحت الصلاة رحمه الله تعالى : عليها قضاؤها لأن الحيض يمنع وجوب الصلاة ولا يسقط الواجب وقد وجب عليها بإدراك جزء من أول الوقت بدليل أنها لو أدت كانت مؤدية للفرض وقال إبراهيم النخعي رضي الله تعالى عنه : إذا مضى من الوقت مقدار ما يمكنها أن تصلي فيه ثم حاضت فعليها القضاء لأن التمكن من الأداء معتبر لتقرر الوجوب فإذا وجد تقرر وجوب الصلاة عليها فلا تسقط بعد ذلك بالحيض وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه إذا كان الباقي من الوقت حين حاضت مقدار ما يمكنها أن تصلي فيه فليس عليها قضاء تلك الصلاة وإن كان دون ذلك فعليها القضاء لأن الوجوب في أول الوقت موسع وإنما يضيق بآخر الوقت والقضاء يجب بالتفويت فما بقي من الوقت مقدار ما يمكن فيه أداء الصلاة لم تكن هي مفوتة بالتأخير شيئا حتى لا تكون آثمة مفرطة وإن كان الباقي دون ذلك فهي آثمة [ ص: 15 ] مفرطة وكانت مفوتة فيلزمها القضاء كما لو حاضت بعد خروج الوقت ولكنا نقول ما بقي شيء من الوقت فالصلاة لم تصر دينا في ذمتها بل هي في الوقت عين وإنما تعذر عليها الأداء بسبب الحيض وذلك غير موجب للقضاء فأما بخروج الوقت فتصير الصلاة دينا في ذمتها والحيض لا يمنع كون الصلاة دينا في ذمتها وقد بينا فيما سبق أن الوجوب يتعلق بآخر الوقت لكونه مخيرا في أول الوقت وما لم يتقرر الوجوب لا يجب القضاء فإذا اقترن الحيض بوقت تقرر الوجوب فلم يتقرر الوجوب وإذا حاضت بعد خروج الوقت فلم يقترن الحيض بحال تقرر الوجوب فتقرر وعلى هذا لو زفر وكذلك لو نفست في آخر الوقت بالولادة أو بإسقاط سقط مستبين الخلق ففي وجوب قضاء تلك الصلاة اختلاف على ما بينا وكذلك لو أغمي على الرجل بعد دخول الوقت وطال إغماؤه وهذا بخلاف التطوع فإنه لو افتتحت الصلاة في الوقت ثم حاضت كان عليها قضاء تلك الصلاة إذا طهرت لأنها بالشروع التزمت الأداء فكأنها التزمته بالنذر وفي الفريضة بالشروع ما التزمت شيئا وإنما شرعت للإسقاط لا للالتزام فإذا أدركها الحيض التحقت بما لو لم تشرع وإنما قلنا هذا لأن التزام ما هو لازم لا يتحقق ألا ترى أن من نذر أداء فريضة لم يلزمه بالنذر شيء أدركها الحيض بعد ما افتتحت التطوع