قال : ( ) ; لأنهما بعقد المفاوضة صار الشخص واحدا فيما يلتزمه كل واحد منهما بسبب هو من صنيع التجارة . ويقول : الوديعة من جملة ذلك ، فإن مات المستودع قبل أن يبين لزمهما جميعا ; لأن المودع إذا مات مجهلا للوديعة يصير متملكا للوديعة . فهذا ضمان ما أوجب بتملك أحدهما ما يحتمل الشركة ، فيكون ملزما صاحبه . ( فإن قيل ) : وجوب هذا الضمان بعد الموت ، ولا مفاوضة بينهما بعد الموت . ( قلنا ) : لا كذلك ولكنه لما أشرف على الموت ، وقد عجز عن البيان قد تحقق التجهيل ، وصار ذلك دينا عليه قبل موته . فإن وكل وديعة كانت عند أحدهما فهي عندهما جميعا ; لم يصدق لأنه لا عقد بينهما بعد موت أحدهما ، وإنما يجعل قول أحدهما كقول صاحبه بسبب العقد القائم بينهما . ولأن المودع بنفسه بعد ما صار ضامنا بالجحود ، ولو زعم أنه كان هلك في يده لم يصدق . فكذلك قول شريكه في ذلك ; لأن قول المرء مقبول فيما هو أمين فيه لنفي الضمان عنه . فأما في إسقاط الضمان الواجب عليه غير مقبول . وإن كان الحي هو المستودع صدق ; لأنه ما صار متملكا ولا ضامنا للوديعة ما دام حيا بعد موت شريكه فإنه قادر على ما التزمه . فلهذا كان قوله مقبولا . ( فإن قيل ) : أليس أن كل واحد منهما فيما يلزمهما مقبول الوديعة مثل صاحبه ؟ ( قلنا ) : نعم ، ولكن التمليك عند الموت باعتبار اليد ; لأن الأيدي المجهولة عند الموت تنقلب يد ملك ، الوديعة في يد المودع حقيقة لا في يد شريكه . قال الحي : ضاعت في يد الميت قبل موته
( وإن لزمه الضمان خاصة ، ولم يصدق على صاحبه ) ; لأن وجوب الضمان عليه بإقراره ، وعند الإقرار لا مفاوضة بينهما ، وهو في الانتهاء غير مصدق في حق صاحبه إلا أن [ ص: 191 ] يقيم البينة أنه أنفقها في حياة الميت . والثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة ; فيكون عليهما ، وهذا قول قال : أكلتها قبل موت صاحبي أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - " وعند ومحمد " هو عليه خاصة . وأصل المسألة إذا وجب على أحدهما ضمان بغصب أو استهلاك مال : " فعند أبي يوسف رحمه الله " هذا نظير أرش الجناية ; لأنه واجب بسبب ليس بتجارة ، ولأنه بدل المستهلك ، والمستهلك لا يحتمل الشركة . وهما قالا : ضمان الغصب الاستهلاك ضمان تجارة بدليل صحة إقرار المأذون به وكونه مؤاخذا به في الحال ; وهذا لأنه بدل مال محتمل للشركة ، وإنما يجب بأصل السبب . وعند ذلك المحل قابل للملك ، ولهذا ملك المغصوب والمستهلك بالضمان . أبي يوسف