وأما فهو كنظر الرجل إلى ذوات محارمه لقوله تعالى { النظر إلى إماء الغير والمدبرات وأمهات الأولاد والمكاتبات يدنين عليهن من جلابيبهن } الآية وقد كانت الممازحة مع إماء الغير عادة في العرب فأمر الله تعالى الحرائر باتخاذ الجلباب ليعرفن به من الإماء فدل أن الإماء لا تتخذ الجلباب وكان رضي الله عنه إذا رأى أمة متقنعة علاها بالدرة وقال : ألق عنك الخمار يا دفار وقال عمر رضي الله عنه إن الأمة ألقت قرونها من وراء الجدار أي لا تتقنع قال عمر رضي الله عنه : كن جواري أنس رضي الله عنه يخدمن الضيفان كاشفات الرءوس مضطربات البدن ولأن الأمة تحتاج إلى الخروج لحوائج مولاها وإنما تخرج في ثياب مهنتها وحالها مع جميع الرجال في معنى البلوى بالنظر والمس كحال الرجل في ذوات محارمه ولا يحل له أن ينظر إلى ظهرها وبطنها كما في حق ذوات المحارم وكان عمر محمد بن مقاتل الرازي يقول : لا ينظر إلى ما بين سرتها إلى ركبتها ولا بأس بالنظر إلى ما وراء ذلك لما روي عن رضي الله عنهما في حديث طويل قال : ومن أراد أن يشتري جارية فلينظر إليها إلا إلى موضع المئزر ولكن تأويل هذا الحديث عندنا أن المرأة قد تتزر على الصدر فهو مراد ابن عباس رضي الله عنه وكل ابن عباس يباح مسه منها إذا أمن الشهوة على نفسه وعليها لما روي عن ما يباح النظر إليه منها رضي الله عنهما أنه مر بجارية تباع فضرب في صدرها ومس ذراعها ثم قال : اشتروا فإنها رخيصة فهذا ونحوه لا بأس به لمن يريد الشراء أو لا يريد وهذا لأنه بمنزلة ذوات المحارم في حكم المس ولأنه كما يحتاج إلى النظر يحتاج إلى المس ليعرف لين بشرتها فيرغب في شرائها وتحل الخلوة والمسافرة بينهما كما في ذوات المحارم إلا أن عند بعض مشايخنا [ ص: 152 ] رحمهم الله تعالى ليس له أن يعالجها في الإركاب والإنزال لأن معنى العورة وإن انعدم بالستر فمعنى الشهوة باق فيها فإنها ممن يحل له والأصح أنه لا بأس بذلك إذا أمن الشهوة على نفسه وعليها لأن المولى قد يبعثها في حاجته من بلد إلى بلد ولا تجد محرما ليسافر معها وهي تحتاج إلى من يركبها وينزلها فلا بأس بذلك وكذلك لا بأن يخلو بها كالمحارم . ابن عمر
ألا ترى أن جارية المرأة قد تغمز رجل زوجها وتخلو به ولا يمتنع أحد من ذلك والمدبرة وأم الولد والمكاتبة في هذا كالأمة القنة لقيام الرق فيهن والمستسعاة في بعض القيمة كذلك عند رحمه الله تعالى لأنها بمنزلة المكاتب وقال أبي حنيفة رحمه الله تعالى : إذا بلغت الأمة لم ينبغ أن تعرض في إزار واحد قال أبو حنيفة : وكذلك إذا بلغت أن تجامع وتشتهي لأن الظهر والبطن منها عورة لمعنى الاشتهاء فإذا صارت مشتهاة كانت كالبالغة لا تعرض في إزار واحد محمد