باب الشهادة في القذف
( قال ) رضي الله تعالى عنه وإذا لم يستحلف على ذلك ، ولا يمين في شيء من الحدود ; لأن المقصود من الاستحلاف القضاء بالنكول والنكول إنما يكون بدلا والبدل لا يعمل في الحدود أو يكون قائما مقام الإقرار والحد لا يقام بما هو قائم مقام غيره إلا أن على قول ادعى رجل أنه قذفه ، ولا بينة له رحمه الله يستحلف في حد القذف بخلاف سائر الحدود بناء على أصله أن حد القذف حق العبد فيستحلف فيه كالتعزير والقصاص ، ولأن في سائر الحدود رجوعه بعد الإقرار صحيح فلا يكون استحلافه مفيدا ، وفي حد القذف رجوعه عن الإقرار باطل فالاستحلاف فيه يكون مفيدا كالأموال ، ولكنا نقول هذا حد يدرأ [ ص: 106 ] بالشبهة فلا يستحلف فيه كسائر الحدود ، وهو بناء على أصلنا أن المغلب فيه حق الله تعالى على ما نبينه . الشافعي
( قال ) إلا أنه يستحلف في السرقة لأجل المال فإن أبى أن يحلف ضمن المال ، ولم يقطع ; لأن المال حق العبد ، وهو يثبت مع الشبهات وحقيقة المعنى فيه أن في السرقة أخذ المال ، فإنما يستحلف على الأخذ لا على فعل السرقة ، وعند نكوله يقضى بموجب الأخذ ، وهو الضمان ، كما لو يثبت الأخذ الموجب للضمان ، ولا يثبت القطع الذي ينبني على فعل السرقة فإن شهد رجل وامرأتان بالسرقة سئلا عن ماهيته وكيفيته ; لأنهم شهدوا بلفظ مبهم فالقذف قد يكون بالزنا ، وقد يكون بغير الزنا فإن لم يزيدوا على ذلك لم تقبل شهادتهم ; لأن المشهود به غير معلوم ، ولا يتمكن القاضي من القضاء بالمجهول ، فكذلك يمتنع عن القضاء عند امتناعهما عن بيان ما شهدا به . جاء المقذوف بشاهدين فشهدا أنه قذفه
فإن قبلت شهادتهما وحد القاذف إن كانا عدلين ; لأنهم شهدوا بالقذف بالزنا ، وهو موجب للحد بالكتاب والسنة ، أما الكتاب فقوله تعالى { قالا : نشهد أنه قال يا زان والذين يرمون المحصنات } واتفق أهل التفسير أن المراد بالرمي الرمي بالزنا دل عليه قوله تعالى { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } ، فإن عدد الأربعة في الشهود شرط في الزنا خاصة ، وأما السنة فما روي { هلال بن أمية لما قذف امرأته بشريك ابن سحماء قال صلى الله عليه وسلم ائت بأربعة يشهدون على صدق مقالتك وإلا فحد في ظهرك } أن