ثم سبب هذا الحد يثبت عند الإمام بالشهادة تارة وبالإقرار أخرى فبدأ الكتاب ببيان ما يثبت بالشهادة فقال لقوله تعالى { والزنا مختص من بين سائر الحقوق في أنه لا يثبت إلا بشهادة أربعة فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } وقال تعالى { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } وقد تكلف بعضهم فيه معنى وهو أن الزنا لا يتم إلا باثنين ، وفعل كل واحد لا يثبت إلا بشهادة شاهدين ولكن هذا ضعيف فإن شهادة شاهدين كما يثبت فعل الواحد يثبت فعل الاثنين ولكنا نقول إن الله تعالى يحب الستر على عباده وإلى ذلك ندب وذم من أحب أن تشيع الفاحشة فلتحقيق معنى الستر شرط زيادة العدد في الشهود على هذه الفاحشة وإليه { لهلال بن أمية ائت بأربعة يشهدون على صدق مقالتك وإلا فحد في ظهرك } وإليه أشار أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله رضي الله عنه حين شهد عنده عمر أبو بكرة وشبل بن معبد ونافع بن الأزرق على رضي الله عنه بالزنا فقال المغيرة بن شعبة لزياد وهو الرابع بم تشهد فقال : أنا رأيت أقداما بادية وأنفاسا عالية وأمرا منكرا ، وفي رواية قال : رأيتهما تحت [ ص: 38 ] لحاف واحد ينخفضان ويرتفعان ويضطربان اضطراب الخيزران ، وفي رواية : رأيت رجلا أقعى وامرأة صرعى ورجلين مخضوبتين وإنسانا يذهب ويجيء ولم أر ما سوى ذلك فقال : الله أكبر الحمد لله الذي لم يفضح واحدا من أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم ففي هذا بيان اشتراط الأربعة لإبقاء ستر العفة