360 - مسألة : ولا يجوز غير أم القرآن - : لما حدثنا للمأموم أن يقرأ خلف الإمام شيئا حمام ثنا عبد الله بن محمد بن علي الباجي ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا أحمد بن سلم ثنا ثنا أبو ثور إبراهيم بن خالد عن يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق مكحول عن عن محمود بن الربيع قال : { عبادة بن الصامت } . وممن قال بإيجاب أم القرآن كما ذكرنا جماعة من السلف روينا من طريق صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ، فلما انصرف قال : تقرءون خلفي قلنا : نعم يا رسول الله هذا ، قال : لا تفعلوا إلا بأم الكتاب ، فإنه لا صلاة إلا بها عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري سليمان الشيباني عن جواب عن يزيد بن شريك أنه قال : أقرأ خلف الإمام ؟ قال له لعمر بن الخطاب : نعم ، قال : وإن قرأت يا أمير المؤمنين قال : نعم ، وإن قرأت . وعن عمر الحجاج بن المنهال حدثنا أبو عوانة عن عن أبيه عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عباية بن رداد عن قال : لا تجوز ولا تجزئ صلاة إلا بفاتحة الكتاب وشيء معها فقال له رجل : يا أمير المؤمنين ، أرأيت إن كنت خلف إمام أو بين يدي إمام قال : اقرأ في نفسك وعن عمر بن الخطاب أبي عوانة عن سليمان عن خيثمة عن قال : لا تجزئ صلاة ، أو لا [ ص: 267 ] تجوز صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ومن طريق عمر عن وكيع عن عبد الله بن عون عن رجاء بن حيوة قال : صليت صلاة وإلى جنبي محمود بن الربيع فقرأ فاتحة الكتاب فلما انصرف قلت : عبادة بن الصامت أبا الوليد ، ألم أسمعك قرأت فاتحة الكتاب قال : أجل ، إنه لا صلاة إلا بها وعن عن وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد العيزار بن حريث عن قال : اقرأ خلف الإمام فاتحة الكتاب وعن ابن عباس عن عبد الرزاق عن المعتمر بن سليمان عن ليث عن عطاء قال : لا بد أن يقرأ خلف الإمام فاتحة الكتاب ; جهر أو لم يجهر وعن ابن عباس عن عبد الرزاق أخبرني ابن جريج : أن نافع لم يكن يدع أن يقرأ أم القرآن في كل ركعة من المكتوبة . وعن غيرهم أيضا . وعن ابن عمر : اقرأ بها في نفسك . وعن أبي هريرة عن عبد الرزاق عن معمر الزهري عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أنه سمع يقول : اقرأ بأم القرآن في كل ركعة ، أو يقول في كل صلاة . وعن أبا سعيد الخدري أيضا . وعن عروة بن الزبير عن معاذ عن عبد الله بن عون أنه كان يقول : إن كان خلف الإمام فجهر أو لم يجهر فلا بد من قراءة فاتحة الكتاب . وعن رجاء بن حيوة حجاج بن المنهال ثنا أبو هلال الراسبي قال : سأل جار لنا الحسن قال : أكون خلف الإمام يوم الجمعة فلا أسمع قراءته قال : اقرأ بفاتحة الكتاب ، قال الرجل : وسورة قال : يكفيك ذلك الإمام . وعن عن حماد بن سلمة محمد بن عمرو عن [ ص: 268 ] قال : للإمام سكتتان فاغتنموا القراءة فيهما بفاتحة الكتاب ، حين يكبر الإمام إذا دخل في الصلاة وحين يقول : { أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ولا الضالين } . والروايات ههنا تكثر جدا وقال : ليس قراءة أم القرآن فرضا ، وإن قرأ الإمام والمنفرد مثل : " آية الدين " ونحوها ولم يقرأ أم الكتاب أجزأه والقراءة عنده فرض في ركعتين من الصلاة فقط إما الأوليين أو الأخريين ، وإما واحدة في الأوليين وواحدة في الأخريين ، ولا يقرأ المأموم شيئا أصلا ، أجهر الإمام أو أسر . وقال أبو حنيفة : قراءة أم القرآن فرض في جمهور الصلاة على الإمام والمنفرد فإن تركاه في ركعة ، فقد اختلف قوله ، فمرة رأى أن يلغي الركعة ويأتي بأخرى ومرة رأى أن يجزئ عنه سجود السهو . وأجاز للمأموم أن يقرأ خلف الإمام أم القرآن وسورة إذا أسر الإمام في الأوليين من الظهر والعصر ، وبأم القرآن وحدها في كل ركعة يسر فيها من كل صلاة . واختار له ذلك ، ولم ير له أن يقرأ شيئا في كل ركعة يجهر فيها الإمام . وقال مالك في آخر قوليه كقولنا - وهو قول الشافعي الأوزاعي ، . واختلف أصحابنا - : فقالت طائفة : فرض على المأموم أن يقرأ أم القرآن في كل ركعة - أسر الإمام أو جهر - وقالت طائفة : هذا فرض عليه فيما أسر فيه الإمام خاصة ; ولا يقرأ فيما جهر فيه الإمام ولم يختلفوا في وجوب قراءة أم القرآن فرضا في كل ركعة على الإمام والمنفرد . قال والليث بن سعد : احتج من لم ير أم القرآن فرضا بقول الله تعالى : { علي فاقرءوا ما تيسر من القرآن } وبتعليم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم للذي أمره بالإعادة فقال له : { } . قال اقرأ ما تيسر معك من القرآن : حديث علي يبين هذا الخبر الآخر ; وأن المراد بإيجاب قراءته ما تيسر من القرآن : هو أم القرآن فقط . [ ص: 269 ] وكأن من غلب حديث عبادة قد أخذ بالآية وبالأخبار كلها ; لأن أم القرآن مما تيسر من القرآن . وكأن من غلب قوله عليه السلام : { عبادة } قد خالف حديث عبادة ; وأجاز صلاة أبطلها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهذا لا يجوز ، لا سيما تقسيم فاقرأ ما تيسر معك من القرآن بين إجازته قراءة آية طويلة ، أو ثلاث آيات ، ومنعه مما دونها . فهذا قول ما حفظ عن أحد قبله ، ولا على صحته دليل ; وهو خلاف للقرآن ، ولجميع الآثار - وله قول آخر : إن ما قرأ من القرآن أجزأه واحتج من رأى : أن لا يقرأ المأموم خلف الإمام الجاهر بقول الله تعالى : { أبي حنيفة وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } . قال : وتمام الآية حجة عليهم ; لأن الله قال : { علي وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين } قال : فإن كان أول الآية في الصلاة فآخرها في الصلاة ; وإن كان آخرها ليس في الصلاة فأولها ليس في الصلاة ; وليس فيها إلا الأمر بالذكر سرا وترك الجهر فقط ; وهكذا نقول وذكروا حديث علي ابن أكيمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { } - وفيه من قول مالي أنازع القرآن الزهري : فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من القراءة . وهذا حديث انفرد به ابن أكيمة وقالوا : هو مجهول ; ثم لو صح لما كانت لهم فيه حجة ; لأن الأخبار واجب أن يضم بعضها إلى بعض ، وحرام أن يضرب بعضها ببعض ; لأن كل ما قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فهو كله حق يصدق بعضه بعضا ، ولا يخالف بعضه بعضا فالواجب أن يؤخذ كلامه عليه السلام كله بظاهره كما هو ، كما قاله عليه السلام ; لا يزاد فيه شيء ، ولا ينقص منه شيء ، فلا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن ولا ينازع [ ص: 270 ] القرآن ، وهذا نص قولنا ولله الحمد ; وما عدا هذا فزيادة في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقصان منه ، وذكروا أيضا : حديثا صحيحا من طريق ابن عجلان فيه { } . فهذا خبر أول من ينبغي أن يستغفر الله تعالى عند ذكره من مخالفة هذا الحديث : الحنفيون والمالكيون ; لأنهم مخالفون لأكثر ما فيه ; فإنهم يرون التكبير إثر تكبير الإمام : لا معه للإحرام خاصة . ثم يرون سائر التكبير والرفع والخفض مع الإمام : لا قبله ولا بعده ; وهذا خلاف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : وفيه { إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا رفع فارفعوا وإذا سجد فاسجدوا ، وإذا قرأ فأنصتوا ، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون } فخالفوه إلى خبر كاذب لا يصح ، وإلى ظن غير موجود ، فمن العجب أن يحتجوا بقضية واحدة من قضاياه لا حجة لهم فيها ويتركوا سائر قضاياه التي لا يحل خلافها . قال إذا صلى قاعدا فصلوا قعودا : وأما نحن فإنه عندنا صحيح ، وبه كله نأخذ ، لأن تأليف كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وضم بعضه إلى بعض والأخذ بجميعه - : فرض لا يحل سواه . وقد قال عليه السلام : " إذا قرأ الإمام فأنصتوا و { علي } فلا بد في جميع هذه الأوامر من أحد وجهين لا ثالث لهما - : إما أن يكون وجه ذلك أن يقول : إذا قرأ فأنصتوا ، إلا عن أم القرآن - كما قلنا نحن [ ص: 271 ] وإما أن يكون وجه ذلك أن يقول : لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن ، إلا إن قرأ الإمام - كما يقول بعض القائلين ، وإما أن يكون وجه ذلك أن يقول : لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن ، إلا أن يجهر الإمام - كما يقول آخرون ، قال لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن : فإذ لا بد من أحد هذه الوجوه ; فليس بعضها أولى من بعض إلا ببرهان ، وأما بدعوى فلا فنظرنا في ذلك فوجدنا الحديث الذي قد ذكرناه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ انصرف من صلاة الفجر ، وهي صلاة جهر فقال : { علي } فكان هذا كافيا في تأليف أوامره عليه السلام ; لا يسع أحدا الخروج عنه . وقد موه قوم بأن قالوا : هذا خبر من رواية أتقرءون خلفي ؟ قالوا : نعم ; هذا يا رسول الله ; قال : لا تفعلوا إلا بأم القرآن ، فإنه لا صلاة إلا بها ، ورواه ابن إسحاق مكحول مرة عن عن محمود بن الربيع ; ومرة عن عبادة نافع بن محمود بن الربيع عن قال عبادة : وهذا ليس بشيء ; لأن علي أحد الأئمة ، وثقه محمد بن إسحاق الزهري - وفضله على من بالمدينة في عصره - ، وشعبة وسفيان ، وسفيان وحماد ; وحماد ويزيد ، ويزيد ، وإبراهيم بن سعد وغيرهم . قال فيه وعبد الله بن المبارك : شعبة أمير المحدثين ، هو أمير المؤمنين في الحديث والعجب أن الطاعنين عليه ههنا هم الذين احتجوا بروايته التي لم يروها غيره في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد محمد بن إسحاق زينب على أبي العاص بالنكاح الأول بعد إسلامه ، فإذا روى ما [ ص: 272 ] يظنون أنه يوافق تقليدهم : صار ثقة ، وصار حديثه حجة ; وإذا روى ما يخالفهم : صار مجرحا و { حسبنا الله ونعم الوكيل } وأما رواية مكحول هذا الخبر مرة عن محمود ومرة عن نافع بن محمود فهذا قوة للحديث لا وهن ; لأن كليهما ثقة . وحتى لو لم يأت هذا الخبر لما وجب بقوله عليه السلام : { } إلا ترك القراءة حين قراءته ، ويبقى وجوب قراءتها في سكتات الإمام فكيف وهذه اللفظة - : يعني { إذا قرأ فأنصتوا } قد أنكرها كثير من أئمة الحديث وقالوا : إن إذا قرأ فأنصتوا محمد بن غيلان أخطأ في إيرادها ، وليست من الحديث ، قال ذلك ابن معين وغيره . قال : وأما نحن فلا نقول فيما رواه الثقة : إنه خطأ ; إلا ببرهان واضح ; لكن وجه العمل هو ما أردنا - وبالله تعال التوفيق . قال علي : وقال بعضهم : معنى قوله عليه السلام : { علي } إنما معناه لا صلاة كاملة ، كما جاء { لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن } قال لا إيمان لمن لا أمانة له : وهذا لا متعلق لهم به ، لأنه إذا لم تتم صلاة أو لم تكمل : فلا صلاة له أصلا ; إذ بعض الصلاة لا ينوب عن جميعها . وكذلك من لا أمانة له ; فالأمانة : هي الشريعة كلها ; قال الله تعالى { علي إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا } . فنعم : من لا أمانة له فلا إيمان له ; ومن لا شريعة له فلا دين له - هذا ظاهر اللفظين الذي لا يحل صرفهما عنه . وقد أقدم آخرون فقالوا : معنى قوله عليه السلام : { } إنما هو على التغليظ قال لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن : وهذا تكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم مجرد . ومن كذبه عليه السلام : فقد كفر ; ولا أعظم من كفر من يقول : إن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم غلظ بهذا القول وليس هو حقا . [ ص: 273 ] قال علي : وقد جاءت أحاديث ساقطة كلها فيها { علي } وفي بعضها " ما أرى الإمام إلا قد كفاه " . وكلها إما مرسل ; وإما من رواية من كان له إمام فإن قراءة الإمام له قراءة جابر الجعفي الكذاب ، وإما عن مجهول - ولو صحت كلها لكان قوله عليه السلام : { } كافيا في تأليف جميعها ، فإن ذكر ذاكر : حديثا رويناه من طريق لا تفعلوا إلا بأم القرآن عن البزار محمد بن بشار عن ثنا أبي عامر العقدي همام عن عن قتادة عن أبي نضرة أبي سعد : { } فإنه عليه السلام لم يقل : وما تيسر من القرآن ; فإذا لم يقله فهو محمول على سائر الذكر . وهكذا نقول بوجوب الذكر في الركوع ، والسجود ، ووجوب التكبير . على أننا قد روينا عن أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ في صلاتنا بأم القرآن وما تيسر ، عمران بن الحصين : لا تتم صلاة إلا بفاتحة الكتاب ، وثلاث آيات فصاعدا ، وعن وعثمان بن أبي العاص عن شعبة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عباية بن رداد سمعت يقول : لا تجزئ صلاة إلا بآيتين مع أم القرآن فإن كنت خلف إمام فاقرأ في نفسك . وقد روينا خلاف هذا عن عمر بن الخطاب ، عمر بن الخطاب ، عن وعلي بن أبي طالب عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي : أن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال - وقد صلى المغرب بالناس ولم يقرأ شيئا - : أليس قد أتممت الركوع والسجود . ؟ قالوا : بلى ; فلم يعد الصلاة ومن طريق عمر بن الخطاب الحارث عن : أن رجلا جاء فقال : إني صليت ولم أقرأ ، قال : أتممت الركوع والسجود ؟ قال له : نعم ; قال له علي : تمت صلاتك ; ما كل أحد يحسن أن يقرأ ، قال علي : لا حجة في قول أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم . علي بن أحمد