وروينا عن عن سفيان الثوري المغيرة بن مقسم عن في إبراهيم النخعي ، قال : يصليها حين يذكرها ، وإن كان في وقت تكره فيه الصلاة ومثله أيضا عن الصلاة التي تنسى عطاء وغيرهم . وطاوس
وروينا من طريق : ثنا يحيى بن سعيد القطان عن شعبة قال : سمعت موسى بن عقبة يقول : إن أباه كان يطوف بعد العصر ، وبعد الغداة ثم يصلي الركعتين قبل طلوع الشمس . سالم بن عبد الله بن عمر
قال موسى : وكان يكره ذلك ، فحدثته عن نافع سالم فقال لي : نافع سالم أقدم مني وأعلم .
قال : هذا يدل على رجوع علي إلى القول بهذا ; وعلى أنه قول نافع - : قال موسى بن عقبة : فغلب هؤلاء أحاديث الأوامر على أحاديث النهي ، وقالوا : إن معنى النهي عن الصلاة في هذه الأوقات ، أي إلا أن تكون صلاة أمرتم بها ، فصلوها فيها وفي غيرها . علي
[ ص: 58 ] وقال الآخرون : معنى الأمر بهذه الصلوات ، أي إلا أن تكون وقتا نهى فيه عن الصلاة فلا تصلوها فيه .
قال : فلما كان كلا العملين ممكنا ، لم يكن واحد منهما أولى من الآخر إلا ببرهان ، فنظرنا في ذلك : فوجدنا ما حدثناه علي عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج يحيى بن يحيى : قرأت على عن مالك عن زيد بن أسلم ، عطاء بن يسار ، وبسر بن سعيد وعبد الرحمن الأعرج حدثوه عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } ؟ . من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر
فكان هذا مبينا غاية البيان أن قضاء الصلوات في هذه الأوقات فرض ; وأن الأمر مستثنى من النهي بلا شك ؟ .
فإن قيل : فلم قلتم : إن من أدرك أقل من ركعة من العصر ومن الصبح قبل طلوع الشمس ، وقبل غروبها فإنه يصليهما ؟ .
قلنا : لما نذكره - إن شاء الله عز وجل في أوقات الصلوات - من قوله عليه السلام { } . فكان هذا اللفظ منه عليه السلام ممكنا أن يريد به وقت الخروج من هاتين [ ص: 59 ] الصلاتين ، وممكنا أن يريد به وقت الدخول فيها ؟ . وقت صلاة الصبح ما لم يطلع قرن الشمس ، ووقت صلاة العصر ما لم تغرب الشمس
فنظرنا في ذلك ; فكان هذا الخبر مبينا أن بعد طلوع الشمس وبعد غروبها وقت لبعض صلاة الصبح ، ولبعض صلاة العصر بيقين ; فصح أنه عليه السلام إنما أراد وقت الدخول فيهما ، وكان هذا الخبر هو الزائد على الحديث الذي فيه { } والزيادة واجب قبولها ؟ فوضح أن الأمر مغلب على النهي . من أدرك ركعة
فوجدنا الآخرين قد احتجوا بما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا ثنا محمد بن إسحاق ثنا ابن الأعرابي محمد بن إسماعيل الصائغ ثنا عبد الله بن يزيد المقري حدثنا الأسود بن شيبان ثنا خالد بن شمير قال قدم علينا عبد الله بن رباح من المدينة وكانت الأنصار تفقهه ، فحدثنا قال : حدثنا فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبو قتادة الأنصاري } وذكر الحديث . بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء فلم يوقظنا إلا الشمس طالعة فقمنا وهلين لصلاتنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم رويدا رويدا ، حتى تعالت الشمس ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان منكم يركع ركعتي الفجر فليركعهما ؟ فقام من كان يركعهما ومن لم يكن يركعهما ، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينادى بالصلاة فيؤذن بها ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا ; فلما انصرف قال : إنا بحمد الله لم نكن في شيء من أمر الدنيا شغلنا عن صلاتنا
[ ص: 60 ] حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ثنا ثنا وهب بن مسرة ثنا ابن وضاح ثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن أبو أسامة عن هشام بن حسان الحسن عن قال : { عمران بن الحصين فأذن فصلى ركعتين ، ثم أقام بلالا فصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم بلال } وذكر الحديث . أسرينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عرس بنا من آخر الليل ، فاستيقظنا وقد طلعت الشمس ، فجعل الرجل منا يثور إلى طهوره دهشا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ارتحلوا ؟ قال : فارتحلنا ، حتى إذا ارتفعت الشمس نزلنا ، فقضينا من حوائجنا ، ثم توضأنا ; ثم أمر
[ ص: 61 ] حدثنا حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا ثنا ابن وضاح ثنا أبو بكر بن أبي شيبة أخبرنا هشيم حصين ثنا عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال : { أبي قتادة : أنا يا رسول الله ، فعرس القوم ، واستند بلال إلى راحلته ، فغلبته عيناه ، واستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بدا حاجب الشمس ، فقال : يا بلال ، أين ما قلت ؟ فقال : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ، ما ألقيت علي نومة مثلها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قبض أرواحكم حين شاء ; ثم أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتشروا لحاجاتهم وتوضئوا ، وارتفعت الشمس ، فصلى بهم الفجر بلال } . سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في سفر ذات ليلة ، فقلنا : يا رسول الله ، لو عرست بنا ؟ قال : إني أخاف أن تناموا عن الصلاة ، فمن يوقظنا بالصلاة ؟ قال
حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا أنا علي بن حجر - ثنا إسماعيل هو ابن جعفر : أنه دخل على العلاء بن عبد الرحمن [ ص: 62 ] في داره أنس بن مالك بالبصرة حين انصرف من الظهر ، قال : وداره بجنب المسجد ; فلما دخلنا عليه قال : صليتم العصر ؟ قلنا : لا ، إنما انصرفنا الساعة من الظهر ; قال : فصلوا العصر ، فقمنا فصلينا ، فلما انصرفنا قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { } . تلك صلاة المنافقين جلس يرقب العصر حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا ، لا يذكر الله فيها إلا قليلا
ورويناه من طريق عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { أنس } . تلك صلاة المنافقين يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس فكانت بين قرني الشيطان أو على قرني الشيطان قام فنقر أربعا ، لا يذكر الله فيها إلا قليلا
وبما ذكرناه قبل في مسألة الركعتين بعد العصر من قول : يطيلون الخطبة ويؤخرون الصلاة حتى يقال : هذا شرق الموتى ، فقيل ابن مسعود : وما شرق الموتى ؟ قال : إذا اصفرت الشمس جدا ، فمن أدرك ذلك منكم فليصل الصلاة لوقتها ، فإن احتبس فليصل معهم ، وليجعل صلاته وحده : الفريضة ، وصلاته معهم : تطوعا . لابن مسعود
والحديث الذي ذكرناه من طريق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي ذر } . وقالوا : صح نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة جملة في الأوقات المذكورة ، ونهيه عليه السلام عن الصيام جملة في يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق ، وصح أمره بقضاء الصلوات من نام عنها أو نسيها ، وبالنذر ، وبما ذكرتم من النوافل ، وبقضاء الصوم للحائض والمريض والمسافر ، والنذر والكفارات - : فلم تختلفوا معنا في أن لا يصام شيء من ذلك في الأيام المنهي عن صيامها ، وغلبتم : النهي على الأمر ، فوجب أن يكون كذلك في نهيه عن الصلاة في الأوقات المذكورة ، مع أمره عليه السلام بما أمر به من الصلوات وقضائها ، وإلا فلم فرقتم بين النهيين والأمرين ؟ فغلبتم في الصوم : النهي على الأمر ، وغلبتم في الصلاة : الأمر على النهي ؟ وهذا تحكم لا يجوز ؟ . كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها ، أو يميتون الصلاة عن وقتها ؟ قلت : فما [ ص: 63 ] تأمرني ؟ قال : صل الصلاة لوقتها ، فإن أدركتها معهم فصل ، فإنها لك نافلة
وقالوا : يمكن أن يكون قوله عليه السلام فيمن أدرك ركعة من صلاة الصبح ومن العصر قبل طلوع [ الشمس ] ، وقبل غروبها فقد أدرك الصبح : قبل النهي عن الصلاة في الأوقات المذكورة ؟ .
قال : هذا كل ما اعترضوا به ، ما لهم اعتراض غيره أصلا ، ولسنا نعني أصحاب علي ، فإنهم لا متعلق لهم بشيء مما ذكرنا ، إذ ليس منها خبر إلا وقد خالفوه ، وتحكموا فيه بالآراء الفاسدة ، وإنما نعني من ذهب مذهب المتقدمين في تغليب النهي جملة فقط . أبي حنيفة
قال : وكذلك أيضا لا متعلق للمالكين بشيء مما ذكرنا من الآثار ; لأنه ليس منها شيء إلا وقد خالفوه ، وتحكموا فيه ، وحملوا بعضه على الفرض ، وبعضه على التطوع بلا برهان ، وإنما نعني من ذهب مذهب المتقدمين في تغليب الأمر جملة [ ص: 64 ] والكلام إنما هو بين هاتين الطائفتين فقط ؟ . علي
قال : كل هذا لا حجة لهم فيه . علي
أما حديثا أبي قتادة فإنهما قد جاءا ببيان زائد ، كما حدثنا وعمران بن الحصين عبد الله بن ربيع ثنا ثنا محمد بن إسحاق ثنا ابن الأعرابي محمد بن إسماعيل الصائغ ثنا ثنا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن ثابت البناني عبد الله بن رباح عن - فذكر الحديث وفيه - : { أبي قتادة فصلوا ركعتي الفجر ، ثم صلوا الفجر وركبوا ، فقال بعضهم لبعض : لقد فرطنا في صلاتنا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنه لا تفريط في النوم ، إنما التفريط في اليقظة ، فمن نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها بلال } ، وذكر باقي الخبر . مال رسول الله صلى الله عليه وسلم وملت معه ، فقال انظر ؟ فقلت : هذا راكب ، هذان راكبان ، هؤلاء ثلاثة ؟ حتى صرنا سبعة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احفظوا علينا صلاتنا يعني صلاة الفجر ، فضرب على آذانهم ، فما أيقظهم إلا حر الشمس ; فقاموا فساروا هنيهة ثم نزلوا فتوضئوا وأذن