150 - مسألة : ولا يجزئ ، فإن اغتسل فيه فلم يغتسل ، والماء طاهر بحسبه ، وله أن يعيد الغسل منه ، وكذلك لا يجزئ الجنب أن يغتسل لفرض غير الجنابة في ماء ركاد ، فإن كان غير جنب أجزأه الاغتسال في الماء الراكد ، غسل الجنابة في ماء راكد ، والوضوء جائز في الماء الراكد لم يجزه ، وأما البحر فهو جار أبدا مضطرب متحرك غير راكد ، هذا أمر مشاهد عيانا ، وكذلك من فمن اغتسل وهو جنب في جون من أجوان النهر والنهر راكد فلا يحل له الوضوء منه ولا الاغتسال ، لأنه قد حرم عليه الاغتسال والوضوء من عين ذلك الماء بالنص ، ولو بال في ماء راكد ثم سرح لذلك الماء فجرى جاز له الوضوء منه والاغتسال منه ، لأنه لم يبل في ماء راكد ، بال في ماء جار ثم أغلق صببه فركد مباح ، وإن بال فيه لم يحرم عليه بذلك الوضوء منه وفيه والغسل منه وفيه . والاغتسال للجنابة وغيرها في الماء الجاري
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج أبو الطاهر وهارون بن سعيد الأيلي عن أخبرنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن بكير بن الأشج أبا السائب مولى هشام بن زهرة حدثه أنه سمع يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبا هريرة } ، فقال : كيف يفعل يا لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب ؟ قال : يتناوله تناولا " . أبا هريرة
[ ص: 204 ] فهذا لا يرى أن يغتسل الجنب في الماء الدائم ، وهو قول أبو هريرة أبي حنيفة ، إلا أن والشافعي قال : إن فعل تنجس الماء ، وقد بينا فساد هذا القول قبل ، وكرهه أبا حنيفة ، وأجاز غسله إن اغتسل كذلك ، وهذا خطأ ، لخلافه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . وسواء كان الماء الراكد قليلا أو كثيرا ، ولو أنه فراسخ في فراسخ ، لا يجزئ الجنب أن يغتسل فيه ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخص ماء من ماء ، ولم ينه عن الوضوء فيه ولا عن الغسل لغير الجنب فيه ، فهو مباح { مالك ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } .