1325 - مسألة : ولا ضمان على أجير مشترك أو غير مشترك ، ولا على صانع أصلا ، ولا ما ثبت أنه تعدى فيه أو أضاعه - والقول في كل ذلك - ما لم تقم عليه بينة - قوله مع يمينه ، فإن قامت عليه بينة بالتعدي ، أو الإضاعة ضمن ، وله في كل ذلك الأجرة [ ص: 29 ] فيما أثبت أنه كان عمله ، فإن لم تقم بينة حلف صاحب المتاع أنه ما يعلم أنه عمل ما يدعي أنه عمله ، ولا شيء عليه حينئذ .
وبرهان ذلك - : قول الله تعالى : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } فمال الصانع والأجير حرام على غيره ، فإن اعتدى أو أضاع لزمه حينئذ أن يعتدى عليه بمثل ما اعتدى ، والإضاعة لما يلزمه حفظه تعد وهو ملزم حفظ ما استعمل فيه بأجر أو بغير أجر ، لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال وحكمه عليه السلام بالبينة على من ادعى على المطلوب إذا أنكر ، ومن طلب بغرامة مال أو ادعي عليه ما يوجب غرامة فهو المدعى عليه فليس عليه إلا اليمين بحكم الله عز وجل ، والبينة على من يدعي لنفسه حقا في مال غيره .
وقد اختلف الناس في هذا ، فقالت طائفة كما قلنا - : روينا من طريق عن شعبة عن حماد بن أبي سليمان قال : لا يضمن الصائغ ، ولا القصار ، أو قال الخياط ، وأشباهه . إبراهيم النخعي
ومن طريق نا حماد بن سلمة جبلة بن عطية عن يزيد بن عبد الله بن موهب قال في قال : لا ضمان عليه . حمال استؤجر لحمل قلة عسل فانكسرت
ومن طريق نا ابن أبي شيبة أزهر السمان عن عن عبد الله بن عون أنه كان لا يضمن الأجير إلا من تضييع . محمد بن سيرين
ومن طريق عن ابن أبي شيبة إسماعيل بن سالم عن الشعبي قال : ليس على أجير المشاهرة ضمان .
ومن طريق نا ابن أبي شيبة نا وكيع عن سفيان الثوري عن مطرف بن طريف الشعبي قال : لا يضمن القصار إلا ما جنت يده .
ومن طريق نا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن مطرف الشعبي قال : يضمن الصانع ما أعنت بيده ، ولا يضمن ما سوى ذلك .
ومن طريق عن ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث أشعث عن عن ابن سيرين أنه كان لا يضمن الملاح غرقا ولا حرقا . [ ص: 30 ] ومن طريق شريح نا ابن أبي شيبة عبد الأعلى عن عن يونس بن عبيد قال : إذا أفسد القصار فهو ضامن وكان لا يضمنه غرقا ولا حرقا ولا عدوا مكابرا . الحسن البصري
قال : وهذا نص قولنا - : ومن طريق أبو محمد عن سعيد بن منصور مسلم بن خالد عن ابن أبي نجيح عن أنه لم يضمن القصار . طاوس
ومن طريق نا عبد الرزاق قال : قال معمر : لا يضمن الصانع إلا ما أعنت بيده - وقال ابن شبرمة : يضمن إذا ضيع . قتادة
وبه إلى نا عبد الرزاق أن سفيان الثوري كان لا يضمن أحدا من الصناع ، وهو قول حماد بن أبي سليمان ، أبي حنيفة ، والشافعي ، وزفر وأبي ثور ، وأحمد وإسحاق ، ، والمزني . وأبي سليمان
وقالت طائفة : الصناع كلهم ضامنون ما جنوا وما لم يجنوا .
روينا من طريق عن بعض أصحابه عن عبد الرزاق عن الليث بن سعد طلحة بن سعيد بن بكير بن عبد الله بن الأشج أن رضي الله عنه ضمن الصناع - يعني : من عمل بيده . عمر بن الخطاب
ومن طريق عن حماد بن سلمة عن قتادة قال : كان خلاس بن عمرو يضمن الأجير . علي بن أبي طالب
وصح من طريق نا ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل جعفر بن محمد عن أبيه أن كان يضمن القصار ، والصواغ ، وقال : لا يصلح الناس إلا ذلك - وروي عنه أنه ضمن نجارا . عليا
وصح عن تضمين الأجير والقصار . شريح
وعن أيضا تضمين الصناع - وكذلك عن إبراهيم عبد الله بن عتبة بن مسعود - [ ص: 31 ] وعن أنه كان يضمن كل أجير حتى صاحب الفندق الذي يحبس للناس دوابهم - وهو قول مكحول حتى إنه يضمن صاحب السفينة إذا عطبت الأمتعة التي تلفت فيها . ابن أبي ليلى
وقالت طائفة : يضمن كل من أخذ أجرا - وروي ذلك عن وعن علي عبد الرحمن بن يزيد وغيرهما .
وقالت طائفة : يضمن الأجير المشترك - وهو العام - وهو الذي استؤجر على الأعمال ، ولا يضمن الخاص ، وهو الذي استؤجر لمدة ما - وهو قول ، أبي يوسف - روي عن ومحمد بن الحسن يضمن إبراهيم ، ولم يأت عنه لا يضمن الخاص . الأجير المشترك
وقالت طائفة : يضمن الصانع ما غاب عليه إلا أن يقيم بينة أنه تلف بعينه من غير فعله فلا يضمن ، ولا يضمن ما ظهر أصلا ، إلا أن تقوم عليه بينة بأنه تعدى - وهو قول . مالك بن أنس
قال : أما قول أبو محمد فما نعلم له حجة أصلا ، لا من قرآن ، ولا سنة ، ولا رواية سقيمة ، ولا قول أحد قبله ولا من قياس ، وما كان هكذا فلا وجه له ولم نجد لهم شبهة إلا أنهم قالوا : إنما فعلنا ذلك احتياطا للناس . فقلنا لهم : فضمنوا الودائع احتياطا للناس ، فقد صح عن مالك أنه ضمنها عمر بن الخطاب . أنس بن مالك
وأيضا فمن جعل المستصنعين أولى بالاحتياط لهم من الصناع والكل مسلمون ، ولو عكس عاكس عليهم قولهم لما كان بينه وبينهم فضل كمن قال : بل أضمن ما ظهر إلا أن تأتي بينة على أن الشيء تلف من غير فعله وتعديه ، ولا أضمن ما بطن إلا أن تقوم بينة عدل بأنه هلك من تعديه ، بل لعل هذا القول أحوط في النظر . وكذلك قول ، أبي يوسف . ومحمد بن الحسن
وهذا كما ترى خالفوا فيه عمر ، ولا يعرف لهما من الصحابة مخالف رضي الله عنهم ، وهم يعظمون مثل هذا إذا وافق آراءهم والقوم أصحاب قياس بزعمهم . وعلي بن أبي طالب
وقد قال بعضهم من أصحاب القياس : وجدنا ما يدفعه الناس بعضهم إلى بعض من أموالهم ينقسم أقساما ثلاثة لا رابع لها - : [ ص: 32 ]
فقسم ينتفع به الدافع وحده لا المدفوع إليه فقد اتفقنا أنه لا ضمان في بعضه كالوديعة ، فوجب رد كل ما كان من غيرها إليها .
وقسم ينتفع به الدافع والمدفوع إليه - فقد اتفقنا على أنه لا ضمان في بعضه كالقراض ، فوجب رد ما كان من غيره إليه ودخل في ذلك الرهن ، وما دفع إلى الصناع .
وقسم ثالث ينتفع به المدفوع إليه وحده - فقد اتفقنا في بعضه على أنه مضمون كالقرض ، فوجب أن تكون العارية مثله .
قال : لو صح قياس في العالم لكان هذا ، ولكنهم لا الآثار اتبعوا ، ولا القياس عرفوا - وبالله تعالى التوفيق . أبو محمد