وأما السمن فإن حمام بن أحمد قال : ثنا ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي الدبري ثنا عن عبد الرزاق عن معمر الزهري عن عن سعيد بن المسيب قال { أبي هريرة قال : إذا كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه الفأرة تقع في السمن } قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن : وقد كان عبد الرزاق يذكره أيضا عن معمر الزهري عن [ ص: 146 ] عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس ميمونة قال : وكذلك حدثناه . قال ابن عيينة : الفأرة والحية والدجاجة والحمامة والعرس أسماء كل واحد منها يقع على الذكر في لغة علي العرب وقوعه على الأنثى ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم : { } . برهان بأنها لا تكون إلا ميتة ، إذ لا يمكن ذلك من الحية . ألقوها وما حولها
فإن قيل : فإن روى عن عبد الواحد بن زياد عن معمر الزهري عن عن ابن المسيب هذا الخبر فقال : { أبي هريرة } قلنا وبالله تعالى التوفيق : وإن كان ذائبا أو مائعا فاستصبحوا به أو قال : انتفعوا به عبد الواحد قد شك في لفظة الحديث فصح أنه لم يضبطه ولا شك في أن أحفظ لحديث عبد الرزاق . وأيضا فلم يختلف عن معمر عن معمر الزهري عن عبيد الله عن عن ابن عباس ميمونة . ومن لم يختلف عليه أحق بالضبط ممن اختلف عليه .
وأما الذي نعتمد عليه في هذا فهو أن كلا الروايتين حق ، فأما رواية عبد الواحد فموافقة لما كنا نكون عليه لو لم يرد شيء من هذه الرواية ; لأن الأصل إباحة الانتفاع بالسمن وغيره ، لقول الله تعالى : { خلق لكم ما في الأرض جميعا } .
وأما رواية فشرع وارد وحكم زائد ناسخ للإباحة المتقدمة بيقين لا شك فيه ، ونحن على يقين من أن الله تعالى لو أعاد حكم المنسوخ وأبطل حكم الناسخ لبين ذلك بيانا يرفع به الإشكال ، قال الله تعالى : { عبد الرزاق لتبين للناس ما نزل إليهم } فبطل حكم رواية عبد الواحد بيقين لا شك فيه ، وبالله تعالى التوفيق .
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عبد البصير ثنا ثنا قاسم بن أصبغ محمد بن عبد السلام الخشني ثنا ثنا محمد بن المثنى ثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب ميسرة النهدي عن رضي الله عنه - في الفأرة إذا وقعت في السمن فماتت فيه - قال : إن كان جامدا فاطرحها وما حولها وكل بقيته ، وإن كان ذائبا فأهرقه . قال علي بن أبي طالب : والمأخوذ مما حولها هو أقل ما يمكن أن يؤخذ وأرقه غلظا ، لأن هذا هو الذي يقع عليه اسم ما حولها ، وأما ما زاد على ذلك فمن المأمور بأكله والمنهي عن تضييعه . علي
[ ص: 147 ] فإن قيل : فقد روي : { } قيل : هذا إنما جاء مرسلا من رواية خذوا مما حولها قدر الكف . أبي جابر البياضي - وهو كذاب - عن فقط ، ومن رواية ابن المسيب شريك بن أبي نمر - وهو ضعيف - عن ، عطاء بن يسار وشريك ضعيف ، ولا حجة في مرسل ولو رواه الثقات ، فكيف من رواية الضعفاء .
ولا يجوز أن يحكم لغير الفأر في غير السمن ، ولا للفأر في غير السمن ولا لغير الفأرة في السمن بحكم الفأر في السمن ، لأنه لا نص في غير الفأر في السمن ، ومن المحال أن يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم - حكما في غير الفأر في غير السمن ثم يسكت عنه ولا يخبرنا به ، ويكلنا إلى علم الغيب والقول بما لا نعلم على الله تعالى ، وما يعجز عليه السلام قط عن أن يقول لو أراد : إذا وقع النجس أو الحرام في المائع فافعلوا كذا ، حاشا لله من أن يدع عليه السلام بيان ما أمره ربه تعالى بتبليغه . هذا هو الباطل المقطوع على بطلانه بلا شك .
فإن قيل : فإنه قد روي { } . قلنا : هذا لم يروه أحد إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة وقعت في ودك فقال عليه السلام : اطرحوها وما حولها إن كان جامدا ، قيل : وإن كان مائعا ؟ قال : فانتفعوا به ولا تأكلوه عبد الجبار بن عمر ، وهو لا شيء ، ضعفه ابن معين والبخاري وأبو داود وغيرهم ، وأيضا فليس فيه إلا الفأر في الودك فقط ، وقد قيل : إن الودك في اللغة للسمن والمرق خاصة والدسم للشحم . وقال والنسائي : إن أبو حنيفة نجس كله قلت النجاسة أو كثرت ، ووجب هرقه كله ولم تجز صلاة من توضأ منه أو اغتسل منه ، ولم يحل شربه كثر ذلك الماء أو قل ، إلا أن يكون إذا حرك أحد طرفيه لم يتحرك الآخر ، فإنه طاهر حينئذ ، وجائز التطهر به وشربه ، فإن وقعت كذلك في مائع غير الماء حرم أكله وشربه وجاز الاستصباح به والانتفاع به وبيعه ، فإن وقعت خمر أو ميتة أو بول أو عذرة أو نجاسة في ماء راكد ، فإن كان ذلك عصفورا فمات ، أو فأرة فماتت ، فأخرجا ، فإن البئر قد تنجست ، وطهورها أن يستقى منها عشرون دلوا والباقي طاهر . فإن كانت دجاجة أو سنورا فأخرجا حين ماتا فطهورها أربعون دلوا والباقي طاهر ، فإن كانت شاة فأخرجت حين ماتت أو بعدما انتفخت أو تفسخت ، أو لم تخرج الفأرة ولا العصفور ولا [ ص: 148 ] الدجاجة أو السنور إلا بعد الانتفاخ أو الانفساخ ، فطهور البئر أن تنزح ، وحد النزح عند وقعت النجاسة أو الحرام في بئر أبي حنيفة أن يغلبه الماء ، وعند وأبي يوسف مائتا دلو ، فلو محمد بن الحسن ، فالماء طاهر يتوضأ به ، ويستحب أن ينزح منها عشرون دلوا ، فلو وقع في البئر سنور أو فأر أو حنش فأخرج ذلك وهي أحياء فلا بد من نزح البئر حتى يغلبهم الماء ، فلو وقع فيها كلب أو حمار فأخرجا حيين وجب نزحها حتى يغلبهم ، قل البول أو كثر . وكذلك لو بال فيها بعير عندهم ، فلو وقع فيها بعرتان من بعر الإبل أو بعر الغنم لم يضرها ذلك . بالت شاة في البئر