باب كتاب البيع قدمه على الأنكحة وما بعدها لشدة الحاجة إليه ; لأنه لا غنى للإنسان عن مأكول ومشروب ولباس ، وهو مما ينبغي أن يهتم به ، لعموم البلوى إذ لا يخلو مكلف غالبا من بيع وشراء فيجب معرفة الحكم في ذلك قبل التلبس به وقد حكى بعضهم الإجماع على أنه لا يجوز لمكلف أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله فيه وبعث رضي الله عنه من يقيم من الأسواق من ليس بفقيه . عمر
بالإجماع لقوله تعالى { والبيع جائز وأحل الله البيع } ولفعله صلى الله عليه وسلم وإقراره أصحابه عليه ، والحكمة تقتضيه ; لأن حاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه ولا يبدله بغير عوض غالبا ، ففي تجويز البيع وصول لغرضه ، ودفع حاجته ( وهو ) أي : البيع مصدر باع يبيع إذا ملك ، ويطلق بمعنى شرى وكذلك شرى يكون للمعنيين .
وقال كغير باع ، أباع بمعنى واشتقاقه من الباع في قول الأكثر منهم صاحب المغني والشرح ; لأن كل واحد يمد باعه للأخذ والإعطاء وذكرت في الحاشية : ما رد به ذلك [ ص: 146 ] والجواب عنه ومعناه لغة : دفع عوض ، وأخذ ما عوض عنه وشرعا ( مبادلة مال ) من نقد أو غيره معين أو موصوف . الزجاج
( ولو ) كان المال ( في الذمة ) كعبد وثوب صفته كذا ( أو ) مبادلة ( منفعة مباحة ) على الإطلاق بأن لا تختص إباحتها بحال دون حال ( ك ) نفع ( ممر الدار ) وبقعة تحفر بئرا ( بمثل أحدهما ) أي : بمال أو منفعة مباحة والجار متعلق بمبادلة وشمل صورا : بيع نحو عبد بثوب أو دينار في الذمة ، أو ممر في دار ، وبيع نحو دينار في ذمة لمن هو عليه بدراهم معينة ، أو في الذمة إذا قبضت قبل التفرق ، أو بممر دار ، وبيع نحو ممر دار بعبد ودينار في ذمة أو ممر آخر ومعنى المبادلة : جعل شيء في مقابلة آخر وأتى بصيغة المفاعلة ; لأن البيع لا يكون إلا بين اثنين حقيقة أو حكما كتولي طرفي العقد وعدل عن التعبير بعين مالية ; لأن ما ذكره أخصر ولأن البيع يجوز أن يكون معينا ، وأن يكون في الذمة ، وقوله ( على التأبيد ) متعلق بمبادلة أيضا ، وخرج به الإجارة والإعارة في نظير الإعارة وإن لم تقيد بزمن ; لأن العواري مردودة فلذلك لم يقل : للملك وقوله ( غير ربا وقرض ) إخراج لهما فإن الربا محرم ، والقرض وإن قصد فيه المبادلة ، لكن المقصود الأعظم فيه : الإرفاق .